ولا يخفى أنّ هذا الكلام لا يخلو عن قوّة ، إلاّ أنّه لا ينفي اشتراط الضبط ، بل المراد منه أنّ معنى الضبط أعمّ ممّا ذكر (١).
وربّما قيل (٢) : إنّ المراد من كثرة السهو في الصلاة لا ينافي كثرة الذكر في الرواية ، فتأمّل.
ثمّ الحرّيّة ، والذكورة ، والعدد ، والبصر ، والإكثار من رواية الحديث ، والعلم بالفقه ، أو العربية ، أو معنى الحديث ، وكون الراوي معروف النسب ، وعدم القرابة والعداوة ليست من الشروط. فيقبل رواية العبد ، والانثى ، ورجل واحد ، والأعمى ، ومن روى حديثا واحدا فقط ، وغير العالم ، ومجهول النسب ، ويقبل من الوالد ما للولد ، ومن العدوّ ما على العدوّ. كلّ ذلك للأصل ، وعمل الصحابة ومن بعدهم.
وربما دلّ على بعضها نصّ بخصوصه ، كما دلّ على قبول رواية غير العالم قوله عليهالسلام : « نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ، فأدّاها كما سمعها ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه » (٣).
وبعضهم اشترط [معرفة] العربيّة (٤) ؛ نظرا إلى أنّ غير العالم بها يلحن ويصحّف كثيرا ، فيدخل في جملة قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كذب [عليّ] معتمّدا فليتبوّأ مقعده من النار» (٥) فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يلحن قطّ ، وكذا الأئمّة عليهمالسلام وقد قالوا : «أعربوا كلامنا؛ فنحن قوم فصحاء» (٦).
وقد اعتبر بعض الشروط المذكورة في الشهادة (٧) مختلفة في الخلاف ، والوفاق ،
__________________
(١) ما ذكر هو رجحان الذكر وعلى هذا يشمل معنى الضبط كثرة المراجعة والمذاكرة أيضاً وإن كان مرجوح الذكر.
(٢) ذكره القمّي في قوانين الاصول ١ : ٤٦٣ وفيه : « يمكن أن يقال في وجهه : إنّ كثرة السهو في الصلاة لا تنافي الضبط في الرواية ».
(٣) الكافي ١ : ٤٠٣ ، باب ما أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بالنصيحة لأئمّة المسلمين ... ح ١ ، وكنز العمّال ١٠ : ٢٢٨ و ٢٥٨ ، ح ٢٩٢٠٠ و ٢٩٣٧٥.
(٤) منهم أحمد البصري في فائق المقال : ٣٢.
(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٣ ، والكافي ١ : ٦٢ ، باب اختلاف الحديث ، ح ١.
(٦) الكافي ١ : ٥٢ ، باب رواية الكتب والحديث ، ح ١٣.
(٧) مثل العدد ، والذكورة ، والحرّيّة ، وعدم القرابة ، وعدم العداوة في الجملة.
وممّا دلّ على اعتبار العدد في الجملة ما في تهذيب الأحكام ٦ : ٢٦٩ ، ح ٧٢٤.
وممّا دلّ على اعتبار الذكورة في الجملة ما هو مذكور في تهذيب الأحكام ٦ : ٢٦٩ ، ح ٧٢٤.
وممّا دلّ على اعتبار الحرّيّة في الجملة ما في تهذيب الأحكام ٦ : ٢٤٩ ، ح ٦٣٧ و ٦٣٨ ، والاستبصار ٣ : ١٦ ، ح ٤٥ و ٤٦.
وممّا دلّ على اعتبار عدم القرابة في الجملة ما دلّ على عدم قبول شهادة الولد على الوالد. الفقيه : ٣ : ٤٢ ، ح ٣٢٨٦.
وممّا دلّ على اعتبار عدم العداوة ما في الفقيه ٣ : ٤٠ ، ح ٣٢٨١.