ضعيف كان فعله مستحبّا لنا ، بمعنى أنّ الحكم بالنسبة إلينا الاستحباب ؛ للأخبار المذكورة لا أنّ الأمر يقتضيه. وهذا هو السرّ في حمل الفقهاء الأوامر الواردة بطرق (١) ضعيفة على الاستحباب.
وربما يقال : إنّ الأوامر الواردة بطرق (٢) ضعيفة والمعارضة بغيرها ، لمّا احتملت الوجوب ـ وإن لم يكن ثابتا ـ ينبغي فيها الاحتياط ، وهو مستحبّ عند الأكثر ، فلذا يحملها الفقهاء على الاستحباب. وهذا في الحقيقة دليل على حدة على جواز التسامح في أدلّة السنن.
ثمّ فهم العمل بالمكروه من الأخبار المذكورة ؛ بناء على أنّ سماع شيء من الثواب يشمل الفعل والترك.
هذا ، واحتجّ الخصم بآية التثبّت (٣).
والجواب : أنّ بينها وبين الأخبار المذكورة عموما وخصوصا من وجه ، فيجب تخصيص أضعفهما بالأقوى ، ولا ريب في أنّ القوّة للأخبار ؛ ولاستفاضتها واعتضادها بالشهرة القويّة ، وبما ذكرنا (٤) أخيرا (٥) ، مع أنّ المفهوم من الآية عدم العمل بقول الفاسق بدون التثبّت ، والعمل به فيما نحن فيه ليس عملا بلا تثبّت ، بل به للأخبار المعاضدة بعمل المعظم ، فلا تعارض.
ثمّ بعض الأصحاب (٦) جوّز الرجوع إلى أخبار العامّة في السنن ؛ نظرا إلى ما ذكر.
وهو مشكل ؛ لما ورد من المنع عن الرجوع إليهم ، والعمل بأخبارهم (٧).
وكيفيّة التفريع ظاهرة ؛ فإنّه يحكم باستحباب الوضوء لتلاوة القرآن ؛ لبعض الأخبار الضعيفة (٨) ، وحمل المصحف (٩) ؛ للشهرة والتعظيم ، وزيارة القبور ؛ للشهرة.
__________________
(١ و ٢) في « ب » : « بطريق ».
(١ و ٢) في « ب » : « بطريق ».
(٣) هي آية النبأ في سورة الحجرات (٤٩) : ٦.
(٤) في « ب » : « ذكر ».
(٥) وهو موافقة التسامح في أدلّة السنن للاحتياط المستحبّ. راجع ص ٢٦١.
(٦) قاله المحقّق الحلّي في معارج الاصول : ١٥٣.
(٧) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ ، أبواب صفات القاضي ، الباب ٩ ، ح ١ وما بعده.
(٨) مثل ما في قرب الإسناد : ٣٩٥ ، ح ١٣٨٦ ، والخصال ٢ : ٦٢٧ ، حديث الأربعمائة ، ح ١٠ ، وعدّة الداعي : ٣٢٩ ، باب تلاوة القرآن ، ووسائل الشيعة ٦ : ١٩٦ ، أبواب قراءة القرآن ، الباب ١٣ ، ح ١ ـ ٣.
(٩) لم أجد ما دلّ على استحباب الوضوء للحمل. نعم ورد استحبابه في التعليق. راجع : تهذيب الأحكام ١ : ١٢٧ ، ح ٣٤٤ ، ووسائل الشيعة ١ : ٣٨٤ ، أبواب الوضوء ، الباب ١٢ ، ح ٣.