عليه. إلى أن قال : فهذه القرائن تدلّ على صحّة متضمّن أخبار الآحاد لا على صحّتها في نفسها (١).
والتنويع المذكور إنّما حدث من المتأخّرين ؛ لما خفي عليهم أكثر الامور المذكورة ، ولم يمكنهم تحصيل القرائن الميسّرة للقدماء. وأوّل من قرّره العلاّمة ، أو ابن طاوس على اختلاف النقلين (٢).
ثمّ ربما طعن بعض الناس على هذا الاصطلاح (٣).
ولا ريب أنّه نشأ عن قلّة التدبّر ؛ فإنّ الفرق بين الأقسام الأربعة والحكم بحجّيّة بعضها دون بعض ممّا يدلّ عليه الكتاب (٤) ، كما عرفت (٥). وفي أخبارنا أيضا ما يدلّ عليه (٦). ولا مجال للكلام على التسمية ، سيّما مع المناسبة.
والحقّ : أنّه كان متعارفا عند القدماء أيضا ؛ فإنّ الكشّي ، وابن الغضائري ، والنجاشي ، والشيخ منهم ، مع أنّهم يقولون في كتبهم : فلان « ثقة » أو « عدل » أو « صالح » أو « صحيح الحديث » أو « ضعيفة » وأمثالها. وهذا بعينه مراد المتأخّرين من الأنواع الأربعة.
والامور المذكورة المتعارفة عند القدماء إنّما هي من القرائن المفيدة للعلم أو الظنّ ، وهي أيضا ممّا يصحّ الاعتماد عليه لمن تمكّن من تحصيله (٧). فالقدماء لمّا تمكّنوا من تحصيلها ، يعتمدون عليها في تمييز الحديث وعلى التنويع المذكور أيضا ؛ لعدم المنافاة. والمتأخّرون لمّا لم يتمكّنوا من تحصيلها ، قصروا تميّزه على الثاني.
__________________
(١) العدّة في أصول الفقه ١ : ١٤٤ و ١٤٥.
(٢) راجع : خاتمة وسائل الشيعة ٣٠ : ٢٦٢ ، السادس عشر. والمراد بابن طاوس هو شيخ العلاّمة أحمد بن طاوس ، وفي توضيح المقال : ٥١ : « وشيخه محمّد بن أحمد بن طاوس » وهو خطأ.
(٣) منهم الحرّ العاملي في خاتمة وسائل الشيعة ٣٠ : ٢٦٢.
(٤) كآية النبأ في سورة الحجرات (٤٩) : ٦. ووجه دلالة الكتاب على التنويع هو تقسيم الراوي إلى الفاسق والعادل.
(٥) تقدّم في ص ٢٣٤.
(٦) والمراد بهذه الأخبار ما دلّ على جرح بعض الرواة من حيث الاعتقاد والجوارح ، وتعديل بعضهم ، وهي مبثوثة في رجال الكشّي. راجع اختيار معرفة الرجال : ٤٩٥ ، ح ٩٥٠ ، و ٥٣٧ ، ح ١٠٢٣.
(٧) تذكير الضمير باعتبار الموصول في « ممّا ».