وأمّا إذا وجد مخالف ، فربّما حصل القطع بعدم وجود مخالف سوى مخالف نادر ، كالقطع بأنّه لم يخالف في حرمة القياس سوى ابن الجنيد (١) ، وفي استحباب دعاء رؤية هلال رمضان سوى ابن أبي عقيل (٢). وحينئذ لا يضرّ هذا المخالف ، ولا يخرجه عن الحجّيّة ، كما يأتي (٣).
وربّما حصل الظنّ القويّ أو الضعيف بعدم مخالف غيره.
و (٤) ربّما لا يحصل به ظنّ أصلا ، كما إذا ادّعى بعضهم الإجماع على حكم مع ظهور مخالف غير نادر ، بل قد يكون الشهرة على خلافه.
وربّما ادّعى هذا البعض أو بعض آخر الإجماع على خلافه ، كما اتّفق ذلك في كثير من المسائل ، وقد ضبطنا كثيرا من الإجماعات المتناقضة (٥) في بعض رسائلنا (٦).
ثمّ لكلّ من هذه الأقسام أيضا إمّا أن يوجد معارض أو لا. وعلى التقديرين إمّا أن يكون له معاضد أو لا. وعلى جميع الأقسام والتقادير يلزم الترجيح والعمل بحسب ما يقتضيه نظر المجتهد.
ثمّ الإجماع المنقول إمّا يفيد القطع أو الظنّ بعدم مخالف بحيث يتعيّن العمل بمضمونه ـ كما تقدّم (٧) ـ فحكمه ظاهر. وإن لم يكن كذلك فيجيء حكمه (٨).
وبما ذكرنا ظهر أنّه لا بدّ للمجتهد من التتبّع والتفحّص في كلّ إجماع ليعلم أنّه من أيّ قسم ، ثمّ يحكم بما يقتضيه ، وليس له أن يقلّد غيره من المدّعين للإجماع ، بل لا بدّ له من التتبّع ؛ لأنّ الظاهر أنّ كلّ من يدّعي إجماعا على حكم حصل له العلم ، أو الظنّ به من تتبّع الأقوال والقرائن. ومثل هذا ربّما أفاد لبعض علما ولآخر ظنّا ، وربّما لم يفد لآخر شيئا.
__________________
(١) حكاه عنه الفاضل التوني في الوافية : ٢٣٦ ، والوحيد البهبهاني في الرسائل الاصوليّة : ٢٦٧ و ٢٦٨.
(٢) حكاه عنه العلاّمة في مختلف الشيعة ٣ : ٣٦٦ ، المسألة ٩٤.
(٣) في ص ٣٥٢.
(٤) هذا من أقسام قوله : « والثاني » والضمير في « به » راجع إلى الإجماع لا المخالف.
(٥) والمراد به هو المتخالفة وليس معناه الاصطلاحي ؛ فإنّ الإجماعين من المدّعيين ليسا متناقضين.
(٦) لم نعثر على رسالته.
(٧) في ص ٣٥٠.
(٨) في ص ٣٦٥.