وهو غير محسوس (١) ، ضعيف ؛ لأنّ المتواتر قول كلّ واحد منهم ، وهو محسوس ودالّ على الرأي ، فالقطع بأقوالهم يستلزم القطع بآرائهم ؛ ومنع الاستلزام ـ لاحتمال وجود مانع كتقيّة ونحوها ـ مشترك الورود بينه وبين الخبر ، مع أنّ الأصل (٢) عدمه.
وإمّا بأن لا يظفر على مخالف وادّعاه أيضا جماعة لم يبلغوا عدد التواتر ، وكانوا من أهل التدقيق والفحص الشديد.
وإمّا بمجرّد أن لا يظفر بالمخالف وإن لم يضمّ إليه الادّعاء. فإنّ الحقّ ـ كما يأتي (٣) ـ أنّ حصول العلم حينئذ ممكن له إذا بالغ في الفحص وبذل الجهد ولم يعثر على مخالف ، وحصل له بعض القرائن والأحوال أيضا. وليسمّ هذا بالإجماع الاستنباطي ، أو التتبّعي.
والثاني إمّا أن يحصل به الظنّ القويّ ، بأن لا يعثر على مخالف بعد فحص لم يبلغ حدّا يفيد العلم ، سواء نقله أيضا جماعة لم يبلغوا حدّ التواتر ولم يكونوا من أهل الدقّة والفحص ، أم لا. ويختلف درجات هذا الظنّ في الموارد باختلاف القرائن والخصوصيّات.
وإمّا أن يحصل به الظنّ المتوسّط أو الضعيف. وموارد كلّ منهما ظاهرة.
وكلّ واحد من هذه الإجماعات إذا لم يكن له معارض من الأدلّة الأخر ، يتعيّن العمل به للمجتهد ، كما يأتي (٤) ؛ لأنّ الظنّ الحاصل منه ليس أضعف من الظنّ الحاصل من أخبار الآحاد. وإن ضمّت إليه أدلّة أخر صار وجوب العمل به أوضح.
نعم ، العمل في بعض موارد الأخير (٥) إذا لم يضمّ إليه دلالة اخرى محلّ تأمّل. وما يصحّ أن يوجد له معارض إذا وجد له ، ينبغي الترجيح على ما يقتضيه نظر المجتهد. هذا إذا لم يوجد لكلّ منها مخالف (٦).
__________________
(١) راجع معالم الدين : ١٧٥.
(٢) والمراد به استصحاب عدم المانع المحتمل.
(٣) في ص ٣٥٢.
(٤) في ص ٣٥٢.
(٥) أي الإجماع المظنون بالظنّ المتوسّط أو الضعيف.
(٦) أي وإن كان له معارض. توضيحه : أنّ المراد بالمعارض هو الدليل من العقل والكتاب والسنّة ، والمراد بالمخالف هو قول أو إجماع آخر مخالف لهذا الإجماع ، فيمكن الجمع بين عدم المخالف للإجماع ووجود المعارض له كما هو ظاهر عبارة المصنّف.