بالاعتبار منه وكافيا في الحجّيّة ؛ لأنّ تكثير الأدلّة من الفوائد المهمّة وإن كان واحد منها قاطعا ؛ فإنّ للقطع مراتب كما سبق.
ثمّ النصّ الذي ينعقد الإجماع على مدلوله في زمان الغيبة لا يلزم أن يكون من إمام عصرهم ؛ لأنّ انعقاد الإجماع في زمان الغيبة غير موقوف على دخول خصوص قول إمام العصر في أقوالهم ، بل يصحّ انعقاده على طبق قول غيره من الأئمّة ؛ لأنّ قول كلّ منهم حجّة حيّا وميّتا.
وأمّا في زمان الحضور ، فبأن يسمعوا منه حكما مشافهة أو بواسطة النقل فيجمعوا عليه ، ويكون حجّة مفيدة لمن يعقبهم على التقديرين ، كما سبق (١). ويزيد هنا (٢) على سابقه بإمكان اطّلاعهم على رأيه في حكم شرعي من غير أن يصرّح به وينقل لهم خبر خاصّ عنه ؛ لأنّه يمكن حصول العلم لخواصّ رئيس برأيه وإن لم يصرّح به ، ولم ينقل عنه نصّ بخصوصه ، ويمكن حصوله لغيرهم أيضا من تتبّع أفعالهم وأقوالهم ، فإنّ الضرورة قاضية بأنّ كثيرا ما يقع في الوجود أن يعلم أو يظنّ أنّ رجلا معتقده وطريقته كذا من غير أن ينقل عنه خبر خاصّ فيه. ومنه علمنا بوجوب المسح على الرجلين ؛ فإذا أجمعوا حينئذ على ما اطّلعوا عليه من رأيه ، فلا ريب في كون إجماعهم هذا مفيدا ؛ لانحصار الكاشف عن رأيه به.
واعلم أنّه ـ على ما ذكر (٣) ـ لا كلام في استلزام كلّ إجماع قطعي علم عدم مخالف له أصلا ، أو عدم مخالف مجهول النسب له ؛ للعلم بدخول قوله عليهالسلام ، ولا يتخلّف ذلك عن صورة منه ، فثبت الاستلزام الكلّي.
نعم ، يختلف الملزوم بالنسبة إلى الأشخاص ، فربّ إجماع قطع بعضهم بعدم مخالف له ولم يقطع به آخر ، فعند الأوّل يحصل العلم بدخول قوله ، وعند الثاني لا يحصل به. وهذا لا ينافي الاستلزام الكلّي ؛ لأنّه على (٤) تقدير تحقّق الملزوم ، وهو أن يعلم اتّفاق جميع العلماء بحيث لم يخالف منهم أحد ، أو خالف معروف النسب مع وجود مجهول النسب فيهم ،
__________________
(١) أي تقديري عثور من بعدهم عليه وعدمه ، كما سبق في ص ٣٥٨.
(٢) أي زمان الحضور.
(٣) في ص ٣٥٧.
(٤) الظرف خبر « أنّ » والضمير راجع إلى الاستلزام.