قال : للامّ ثلث التركة قال في الموضعين ، ومن قال : [ لها ] ثلث الباقي قال فيهما. وخرقه بأن يفصل بينهما ويقال : لها ثلث الأصل في أحدهما (١) وثلث الباقي في الأخر ، كما قال به ابن سيرين (٢).
ومنه وجوب الغسل وعدمه بالوطء في دبر المرأة والغلام عند الشيعة (٣) ، فمن قال منهم بالوجوب قال في الموضعين ، ومن قال بعدمه قال فيهما ، وخرقه أن يفصل بينهما ، ويقال بوجوبه في أحدهما دون الآخر.
والدليل على بطلانه في الصورتين : أنّ المعصوم مع إحدى الطائفتين قطعا ، فخرقه يستلزم مخالفته جزما.
وقال بعض أصحابنا وطائفة من العامّة : إن نصّت الامّة في الصورة الأخيرة على المنع من الفصل ، فلا يجوز ؛ وإن عدم النصّ ، فإن علم اتّحاد طريق الحكم فيهما فكذلك ، كالمثال الأوّل ، واتّحاد الطريق بين المسألتين فيه ظاهر ، وكتوريث العمّة والخالة ؛ فإنّ من ورّث العمّة ورّث الخالة ، ومن لم يورّثها لم يورّثها ، واتّحاد الطريق هنا مساواة حكم ذوي الأرحام في التوريث في الجملة وإن لم يعلم اتّحاد الطريق بينهما ، فالحقّ جواز الفرق عملا بالأصل السالم عن مخالفة الإجماع (٤).
ولا يخفى أنّه بعد العلم بعدم الفصل فلا وجه لهذا التفصيل ، أمّا عندنا ، فلما ذكر (٥). وأمّا عند العامّة ؛ فلأنّ العلم بعدم قائل منهم بالفصل يدلّ التزاما على حكمهم بالمنع عن القول بالفصل ؛ فإنّه إذا علم أنّ الامّة اختلفت في مسألة على قولين لا يتجاوزونهما (٦) ، فلا ريب أنّ كلّ طائفة أوجب القول بقولها أو بقول الاخرى ، ومنعت من غيرهما ، فاتّفقوا على أنّه لا فصل بينهما ، فالقول به خرق لاتّفاقهم. فالمناط حصول العلم بعدم القول بالفصل ، ومعه
__________________
(١) أي الموضعين.
(٢) حكاه عنه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٣٣٣ ، والشيخ حسن في معالم الدين : ١٧٨.
(٣) راجع مختلف الشيعة ١ : ١٦٧ ، المسألة ١١١.
(٤) قاله الرازي في المحصول ٤ : ١٢٨ ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٣٣١ ، وابن الحاجب في منتهى الوصول : ٦١ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٣ : ٢٦٩ ، والعلاّمة في مبادئ الوصول : ١٩١ و ١٩٢.
(٥) تقدّم آنفا.
(٦) هذا تعرّض للصورة الاولى ، وكلام بعض الأصحاب وطائفة من العامّة في الصورة الثانية.