فجوّزه بعض مطلقا (١). ومنعه بعض آخر كذلك (٢). وذهب بعض إلى المنع في المفرد والجواز في التثنية والجمع (٣). وبعض آخر إلى الجواز في النفي دون الإثبات (٤).
ثمّ المانعون اتّفقوا على أنّه عند عدم القرينة لا يحمل على شيء من معانيه ، بل يجب التوقّف حينئذ ؛ لكونه مجملا.
والمجوّزون بين قائل بأنّه إذا عدم القرينة يجب التوقّف ، وعند وجودها يحمل على ما يدلّ عليه القرينة ، لكن إن دلّت القرينة على واحد يكون الاستعمال فيه حقيقة ، وإن دلّت على متعدّد يكون الاستعمال فيه مجازا.
وقائل بأن المشترك عند عدم القرينة ظاهر في جميع معانيه ، فيجب الحمل عليه.
وقائل بأنّه عند عدم القرينة مجمل يجب فيه التوقّف ، وعند القرينة يحمل على ما يقتضيه القرينة ، ويكون الاستعمال حقيقة وإن كان ما يدلّ عليه القرينة متعدّدا (٥).
وهذا هو الحقّ ، وتنقيحه موقوف على بيان امور :
[ الأمر ] الأوّل : إنّما الخلاف في استعمال المشترك في المعاني التي كان الجمع بينها ممكنا ، كالقرء في قولنا : « القرء من صفات النساء ». وأمّا إذا لم يمكن الجمع بينها ، كاستعمال الأمر في الوجوب والتهديد (٦) ، فلا خلاف في عدم الجواز.
[ الأمر ] الثاني : لا شبهة في أنّ اللفظ المشترك موضوع لكلّ واحد من معانيه على سبيل لا بشرط شيء ، أي لا بشرط الانفراد ولا الاجتماع. فما وضع له اللفظ واستعمل فيه ، هو كلّ واحد من المعاني بدون الشرطين على ما هو شأن الماهيّة المطلقة التي تتحقّق حالة
__________________
(١) قاله السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٧ ، وابن الحاجب في منتهى الوصول : ١٨ ، ونسبه الأسنوي إلى الشافعي في التمهيد : ١٧٦.
(٢) منهم الفخر الرازي في المحصول ١ : ٢٧١.
(٣) منهم البصري في المعتمد في أصول الفقه ١ : ٣٠٤.
(٤) نسبه الأنصاري إلى ابن همام في فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى ١ : ٢٠١.
(٥) راجع التمهيد للإسنوي : ١٧٧.
(٦) في هامش « أ » : « عند من قال باشتراكه بينهما ، وإنّما قيّدنا به ؛ لأنّ المصنّف لا يقول به ».