أو بالاستثناء ، مثل : ( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ )(١). نبّه بالاستثناء على أنّ العفو علّة لسقوط المهر.
أو بالشرط ، مثل : « إذا اختلف الجنسان ، فبيعوا كيف شئتم » (٢). يعلم منه ـ بعد النهي عن بيع الجنس بالجنس متفاضلا ـ أنّ الاختلاف علّة جواز البيع.
أو بالاستدراك ، نحو : ( لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ )(٣). نبّه بالاستدراك على أنّ العقد علّة المؤاخذة.
ومنها : النهي عن فعل يمنع ما أمر به قبله ، كقوله تعالى : ( فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ )(٤). نبّه به على أنّ علّة النهي منعه عن الواجب.
ومنها : ذكر وصف مناسب مع الحكم ، مثل : « لا يقضي القاضي وهو غضبان » (٥) ؛ فإنّ فيه تنبيها على أنّ الغضب علّة عدم جواز الحكم ؛ لأنّه (٦) مشوّش الفكر. ومنه « أكرم العلماء وأهن الجهّال » فإنّه يتبادر منه أنّ العلم علّة الإكرام ، والجهل علّة الإهانة ؛ لما عرف أنّ عادة الشرع اعتبار المناسبات.
تذنيبات :
[ التذنيب ] الأوّل : إذا ذكر كلّ من الوصف والحكم صريحا ـ كالأمثلة المتقدّمة ـ فلا خلاف في كونه إيماء ، ووجوب تقديمه على المستنبطة ـ عند من يعمل بها ـ عند تعارضهما. وأمّا إذا ذكر الوصف صريحا والحكم مستنبط ، مثل : ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(٧) ؛ فإنّ حلّ البيع وصف له وقد ذكر ، واستنبط منه حكمه وهو الصحّة ؛ نظرا إلى أنّه لو لم يصحّ انتفت فائدته ، وحينئذ كان عبثا ، والعبث لكونه مكروها لا يحلّ.
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٣٧.
(٢) سنن أبي داود ٣ : ٢٥٠ ، ح ٣٣٥٠.
(٣) المائدة (٥) : ٨٩.
(٤) الجمعة (٦٢) : ٩.
(٥) كنز العمّال ٦ : ١٠١ ، ح ١٥٠٣٠ باختلاف.
(٦) أي القاضي الغضبان لا الغضب.
(٧) البقرة (٢) : ٢٧٥.