ومنها : تقسيمه باعتبار إفضائه إلى المقصود وعدمه ، وبهذا الاعتبار قسّموه خمسة أقسام (١) :
الأوّل : ما يكون حصول المقصود منه مقطوعا ، كالبيع للحلّ ؛ فإنّ ترتّب الحلّ على كلّ من أفراد البيع يقيني.
الثاني : ما يكون حصوله عنه مظنونا ، كالقصاص للانزجار ؛ فإنّا نقطع بأنّ الانزجار بشرع القصاص لم يحصل لجميع الناس ، بل لأكثرهم ، فلذا يكون ترتّبه عليه ظنّيّا.
الثالث : ما يكون حصوله عنه مشكوكا ، كحدّ الخمر للزجر ؛ فإنّ حصوله ونفيه متساويان تقريبا ؛ ولذا ترى عدد الممتنعين والمقدمين متقاربين.
الرابع : ما يكون حصوله عنه مرجوحا ، كنكاح الآئسة لحصول النسل ؛ فإنّ ترتّبه عليه وإن أمكن عقلا إلاّ أنّه بعيد عادة.
الخامس : ما لا يحصل منه المقصود أصلا ، كنكاح مشرقيّ بمغربيّة قد علم عدم تلاقيهما ، وعدم حصول نطفته في رحمها للحوق ولد تلده وهو في المشرق وهي في المغرب.
وقد اتّفق القائسون على اعتبار الأوّلين وإلغاء الأخير ، واختلفوا في الباقيين (٢) ، وستعلم (٣) حقيقة الحال في الجميع.
ومنها : تقسيمه بحسب شهادة الشرع له بالاعتبار وعدمها ، وبهذا الاعتبار قالوا (٤) : ينقسم أوّلا إلى ثلاثة أنواع : معتبر ، ومرسل ، وملغى.
و [ النوع ] الأوّل : ينقسم إلى ثلاثة أصناف :
مؤثّر ، وهو الذي ثبت اعتباره بنصّ ، أو إجماع.
وملائم يشهد له أصل ، وهو الذي ثبت اعتباره بترتّب الحكم على وفقه ، أي وفق المناسب ، وهو ثبوت الحكم معه في محلّ الوصف ، وثبت مع ذلك بنصّ أو إجماع اعتبار عينه في جنسه ، أو بالعكس ، أو جنسه في جنسه.
__________________
(١) قالها الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٩٨ ـ ٢٩٩.
(٢) راجع الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٩٩.
(٣) يأتي في ص ٤٧٨ وما بعدها.
(٤) راجع : الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٣١١ و ٣١٢ ، والمحصول ٥ : ١٦٣ و ١٦٤.