المثل على الوليّ إذا زوّج الصغيرة ؛ فإنّ مصلحة النكاح حاصلة بدونه إلاّ أنّ كونه أفضى إلى دوام النكاح أدرجه في مكمّلاته. ومنه تتميم المحافظة على امور الصغار باشتراط العدالة في الأب ، والجدّ في الولاية على الولد ؛ فإنّ شفقته عليه تبعثه على الاحتياط في أمره ، وتردعه عن الخيانة والتقصير في حقّه ، لكن لمّا كان بعض الفسّاق لا يبالي بتضييع ماله وتزويجه من غير كفء ، جعلت العدالة من مكمّلاته (١).
الصنف الرابع : التحسيني وهو ما لا حاجة إليه ، لكن فيه تحسين ، وهو أيضا على قسمين :
الأوّل : ما عدم فيه ظهور اعتبار الحاجة رأسا ، إلاّ أنّ اعتباره سلوك المنهج الأحسن ، كرعاية عدم الجمع بين النازل والعالي بشرع سلب أهليّة العبد للمناصب الجليلة كالشهادة ومثلها ؛ فإنّه لو جعل للعبد أهليّة الشهادة ، لحصل المصلحة التي تحصل من شهادة الحرّ ، ولم يكن له مفسدة أصلا ، إلاّ أنّه سلب ذلك عنه ؛ لأنّ اعتبار المناسبة في المناصب من مكارم الآداب ومحاسن الشيم (٢).
الثاني : ما لا حاجة إليه ؛ لقيام غيره مقامه ، كرعاية حفظ المال في التوكيل والإيداع إذا صدرا من المالك باشتراط العدالة في الوكيل والودعي ؛ فإنّه يجوز له توكيل الفاسق وإيداعه ؛ إذ طبع المالك يردعه عن إتلاف ماله ، فما لم يثق به لا يوكّله ولا يودعه (٣).
تتمّة
اعلم أنّ كلّ واحد من أفراد المصالح الضروريّة والحاجيّة والتكميليّة والتحسينية إمّا أن يكون اندراجه تحت ذلك الصنف بيّنا بحيث لا يقع فيه اختلاف ، وإمّا أن يكون خفيّا يقع فيه الخلاف. ويختلف ذلك بحسب اختلاف الظنون ، فربما أدرج بعضها الحاجة العامّة تحت الضرورة ، والأمر في مثله هيّن.
__________________
(١) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٦٠ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٨١ ـ ٨٦.
(٢) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٦٠ و ١٦١ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٦٤.
(٣) حكاه الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٦١ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٣ و ٢٥٤ ، والأسنوي في نهاية السؤل ٤ : ٨٤ و ٨٥.