الشكّ ، فيعلم حينئذ بمجرّد ترتّب القصاص عليه.
وقد ظهر ممّا ذكر أنّ ثبوت الاعتبار في الجنس في أقسام الملائم بالنصّ أو الإجماع إنّما هو لأجل سرايته من بعض أنواعه إليه ، سواء كان هو المقيس عليه فقط ، كما في المثال الأوّل ، أو هو وغيره ، كما في المثال الثالث.
والسرّ فيه أنّ النصّ أو الإجماع على تأثير نوع في نوع يستلزم النصّ أو الإجماع على تأثير جنسه في جنسه ؛ لأنّ الدالّ على اتّصاف الخاصّ بصفة يدلّ على اتّصاف العامّ (١) بها. غاية الأمر أنّ الدلالة على الثاني بالتضمّن ، وهو لا يقابل النصّ ، بل المطابقة ؛ فالدلالة على الأوّل نصّ ومطابقة ، وعلى الثاني نصّ وتضمّن.
ثمّ إن ثبت التأثير في جنس أوّلا وبالذات ـ أي بالنصّ عليه بعنوان يشمل ما تحته عموما أو إطلاقا ـ يثبت منه التأثير في كلّ واحد من أنواعه بالنصّ. وإن ثبت على طريق السراية من بعض الأنواع ـ كما ذكر ـ لا يثبت منه التأثير في باقي الأنواع ؛ لأنّ معنى كونه مؤثّرا حينئذ أنّ بعض أنواعه مؤثّر ، وهو لا يستلزم تأثير غيره من الأنواع.
نعم ، يفيد ظنّا ما بتأثيره. وإذا ترتّب عليه الحكم أيضا يتقوّى الظنّ بتأثيره ، فيكون ملائما.
وقد ظهر من ذلك أنّ ما يراد إثباته في الفرع في الأمثلة الثلاثة ـ أي اعتبار العين في العين وهو اعتبار عين الصغر في ولاية النكاح ، وحرج المطر في رخصة الجمع ، والقتل بالمثقل في قصاص النفس ـ من باب (٢) الملاءمة.
واعتبار المقيس عليه ـ أعني الصغر في ولاية المال ، وحرج السفر في رخصة الجمع ، والقتل بالمحدّد في القصاص ، وكذا اعتبار العين في الجنس ، وبالعكس ، والجنس في الجنس ـ من باب التأثير.
والمقصود من الصنف الثالث منه ـ وهو الغريب الذي يشهد له أصل ـ ما ثبت اعتباره بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه من دون ثبوت اعتبار عينه في جنسه ، أو بالعكس ، أو جنسه
__________________
(١) المراد بالخاصّ والعامّ ليس معناهما الاصطلاحي بل المراد من الخاصّ هو الكلّ ومن العامّ هو الأجزاء.
(٢) قوله : « من باب ... » خبر لقوله : « أنّ ».