في جنسه ، أي لم يثبت تأثير عين الوصف في أحد أنواع جنس الحكم ، ولا تأثير أحد أنواعه في عين الحكم ، ولا في أحد أنواعه بالنصّ أو الإجماع ، كما يقال فيمن يطلّق امرأته طلاقا بائنا في مرض موته لئلاّ ترثه : يعارض بنقيض مقصوده ، ويحكم بإرثها ، كما يعارض القاتل بنقيض مقصوده (١) ، حيث قتل ليرث ، فحكم بعدم إرثه بجامع كونهما فعلا حراما صادرا لغرض فاسد ، وهذا الوصف وإن كان مناسبا للحكم المذكور وفي ترتّبه عليه يحصل مصلحة وهو نهيهما عن الفعل الحرام ، وقد ترتّب عليه الحكم على وفقه في القتل ؛ لثبوت الحكم معه بقوله : « القاتل لا يرث » (٢) ، فشهد نوعه لنوعه ، إلاّ أنّه لمّا لم يكن فيه نصّ على تأثير القتل في عدم الإرث ، لم يثبت منه تأثير عينه في جنسه ، ولا بالعكس ، ولا تأثير جنسه في جنسه. ومنه ما يقال : « يحرم النبيذ » قياسا على الخمر بجامع الإسكار ، وهو مناسب لتحريم التناول ؛ صيانة للعقل إذا فرض ترتيب التحريم على الخمر من غير ثبوت تأثيره فيه بالنصّ.
والمقصود من الصنف الأوّل من النوع الثاني ـ وهو الملائم الذي لم يشهد له أصل ـ ما لم يثبت اعتباره بترتيب الحكم على وفقه ، أي لم يثبت اعتبار العين في العين بوجه ؛ لعدم شهادة أصل على اعتبار نوعه في نوعه ، لكن ثبت اعتبار جنسه في جنسه ، أو عينه في جنسه ، أو بالعكس ، فهو أيضا على ثلاثة أقسام.
ومثال القسم الأوّل منه ما يقال : « قليل النبيذ وإن لم يسكر حرام » ؛ قياسا على قليل الخمر بجامع كون القليل داعيا إلى الكثير ، وهذا المناسب وإن لم يعتبره الشرع ، ولم يثبت الحكم على وفقه في المحلّ ـ إذا سلّم أنّ ترتّب الحرمة على قليل الخمر ليس على وفق هذا المناسب ـ إلاّ أنّ الشرع اعتبر جنسه في جنس ذلك الحكم ؛ لأنّه حرّم الخلوة لكونها داعية إلى الزنى. وقس عليه أمثال القسمين الأخيرين.
والمقصود من الصنف الثاني منه ـ وهو الغريب الذي لم يشهد له أصل ـ ما لم يثبت اعتباره بوجه ، ومثاله هو المثالان المذكوران للغريب غير المرسل إذا قدّر عدم شهادة القتل
__________________
(١) أي يقتل الولد والده ليرث أمواله فيصير محروما من الإرث.
(٢) تهذيب الأحكام ١٠ : ٢٣٧ ، ح ٩٤٦ باختلاف يسير.