وقد اعتبر الشارع نوع الوصف في ولاية الميراث ، فيكون معتبرا في جنس الولاية (١).
ومثال الثالث (٢) : ما يقال : « يسقط قضاء صلاة الحائض » قياسا على سقوط قضاء الركعتين الساقطتين في السفر بجامع المشقّة. فالحكم ـ وهو قضاء الصلاة ـ نوع واحد يجمع قضاء صلاة الحائض وقضاء صلاة المسافر ، واختلافهما بالعوارض. والوصف ـ وهو المشقّة ـ جنس يجمع المشقّة اللازمة للحائض ، والمشقّة اللازمة للمسافر ، وهما نوعان مختلفان وقد اعتبر الشارع مشقّة المسافر ـ وهو نوع من الجنس ـ في سقوط قضاء الصلاة فيكون الجنس معتبرا فيه (٣).
وهذه الثلاث إن ثبت فيها الترتيب على وفق المناسب يكون من الملائم المعتبر ، وإن لم يثبت فيها ذلك يكون من الملاءم المرسل ، وكان عدم تعرّض القوم لما لم يتعرّضوا لها من الصور ؛ لعدم وجودها في الأحكام الشرعيّة.
ثمّ لا يخفى أنّ ملاحظة الصور المذكورة مع النظر في أنّ الجنس قريب أو متوسّط أو بعيد ، وأنّ ثبوت ذلك بالنصّ أو الإجماع أو بهما ، وأنّها تثبت مع ترتّب الحكم على وفق المناسب وبدونه ، وأنّ الترتّب يشتمل على الإيماء على العلّيّة أم لا ، وأنّ كلاّ منها يكون من أحد الأقسام المتقدّمة : من الحقيقيّة ، والإقناعيّة ، والضروريّة ، والحاجيّة ، والتكميليّة وغيرها ، تفضي (٤) إلى أقسام متكثّرة. ولو لوحظ معها وجود معارض من المفسدة بنحو من الأنحاء المذكورة في المصالح المرسلة ، يؤدّي إلى أقسام لا تحصى كثرة ، ويقع بينها تعارضات وترجيحات لا يمكن ضبط القول فيها.
ثمّ إنّ قوّة أقسام الملاءم وضعفها يختلف باختلاف مراتب خصوص الوصف والحكم وعمومهما ، فكلّما كان الوصف والحكم أخصّ كان الظنّ بعلّيّة الوصف للحكم آكد ؛ لكثرة ما به الاشتراك حينئذ بين وصفي الأصل والفرع وحكميهما ، فاعتبار النوع في النوع أقوى من اعتبار الجنس في الجنس ؛ لكثرة المشتركات بين الوصفين والحكمين في الأوّل ؛
__________________
(١) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٦٤ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٥.
(٢) أي اعتبار الجنس في النوع.
(٣) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ١٦٤ ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : ٢٥٥.
(٤) « تفضي » خبر « أنّ ملاحظة ».