التعليل بالمحمول الأعمّ فيها ، سواء كانت منصوصة ، أو مستنبطة إن صحّ التعليل بها. وعكس ذلك في القاصرة بناء على صحّة التعليل بها.
أمّا الأوّل ، فلاستحالة وجود خصوصيّة المحلّ وجزئه المختصّ في الفرع ، فلا يتصوّر تعدّيهما ، بخلاف جزئه الأعمّ ؛ فإنّ تعدية وجوده في الفرع جائزة.
وأمّا الثاني ، فلعدم المانع ؛ فإنّه لا مانع أن يقول الشارع : حرّمت الخمر لكونه خمرا ، ولا أن تعلّل حرمة الربا في النقدين بجوهريهما ، أي بكونهما ذهبا وفضّة ، وهو نفس المحلّ ، أو بجوهريّتهما ، أي كونهما جوهرين متعيّنين لثمنيّة الأشياء ، وهو لاختصاصه بهما وصف قاصر ، والجزء الأعمّ للزوم تعديته ووجوده في الفرع لا يجوز أن يكون علّة قاصرة.
لا يقال : لو كان المحلّ علّة لزم أن يكون الشيء الواحد فاعلا وقابلا.
لأنّا نقول : العلّة هنا ليست بمعنى الفاعل المؤثّر ، بل بمعنى المعرّف والباعث.
ولو سلّم ، فنقول : الحكم ليس حالاّ في المحلّ حقيقة بل متعلّق به.
تتمّة : اختلفوا في جواز التعليل بالقاصرة وعدمه بعد اتّفاقهم على جوازه إن كانت منصوصة أو مجمعا عليها (١).
والحقّ الجواز إذا صحّ التعليل بالمستنبطة ؛ وفاقا للأكثر ، وخلافا للحنفيّة (٢).
لنا : عدم المانع ـ كما اشير إليه (٣) ـ ووجود المقتضي ، وهو حصول الظنّ بأنّ الحكم لأجلها ، لأنّه المفروض ، وهو المعنيّ بالصحّة بدليل صحّة النصوص عليها ؛ لأنّه لا يفيد أزيد من الظنّ.
واستدلّ عليه أيضا بأنّ التعدية توقّفت على العلّيّة ، فلو توقّفت هي عليها لزم الدور (٤).
__________________
(١) راجع الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٣٨.
(٢) حكاه الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٣١٢ ، والآمدي عن أكثر الفقهاء والمتكلّمين في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٣٨.
(٣) تقدّم آنفا.
(٤) حكى الاستدلال والجواب الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ٢٣٩ ، والفخر الرازي في المحصول ٥ : ٣١٢ و ٣١٣.