في صورة النقض لعدم شرطه ـ أي رفع المانع ووجود الشرط ـ وهما ليسا جزءي العلّة ، فلا يبطل العلّيّة بارتفاعهما.
ثمّ التخلّف في المستنبطة إنّما يعلم بنصّ أو إجماع ، كما إذا قال الشافعي : الوضوء طهارة حكميّة فيشترط فيه النيّة ، فينتقض بإزالة النجاسة ؛ لأنّها طهارة حكميّة ولا تعتبر فيه النيّة إجماعا (١). هذا.
ولكلّ واحد من أصحاب المذاهب الخمسة حجج (٢) ضعيفة تعلم اندفاعها بعد الاضطلاع بما تلوناه عليك من الحقّ الصريح ، من غير حاجة إلى التصريح.
وعلى ما اخترناه فالجواب عن النقض على نوعين :
أحدهما : ما يمنع تحقّقه. وثانيهما : ما يبيّن عدم إفساده للعلّيّة بعد تسليم تحقّقه.
أمّا الأوّل ، فعلى قسمين :
أوّلهما : منع وجود الوصف في صورة النقض ، وهو وارد وفاقا ، كما لو قال : لا زكاة في الحليّ ؛ لأنّه مال غير نام ، كثياب البذلة. فيقول المعترض : ينتقض بالحليّ المحظور ؛ لوجوب الزكاة فيه مع أنّه غير نام أيضا. فيقول المستدلّ : لا نسلّم أنّه غير نام.
ومنه ما لو قال الشافعي في جواب الناقض في مسألة الطهارة : لا نسلّم أنّ إزالة النجاسة طهارة حكمية. وهل للمعترض ـ حينئذ أو ابتداء ـ إقامة الدليل على وجوده؟
قيل : نعم ، إذ به يتحقّق انتقاض العلّة ، وهو قد انتصب لذلك ، فيجوز له أن يبيّن ما يتمّ به إبطال دليل الخصم (٣).
وقيل : لا ، لأنّه انتقال من الاعتراض إلى الاستدلال ، ومن مسألة إلى اخرى قبل أن يتمّ الاستدلال عليها ؛ فإنّ المستدلّ كان بصدد إثبات الحكم في الفرع ، وحينئذ يكون بصدد إثبات عدم وجود الوصف في صورة النقض (٤).
وقيل : إن لم يكن وجود الوصف في صورة النقض حكما شرعيّا ، فنعم ؛ لأنّه يكون
__________________
(١) راجع : المحصول ٥ : ٢٣٧ ـ ٢٥٩ ، وتهذيب الوصول : ٢٥٩ ، والإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٢ ـ ٩٦.
(٢) راجع بداية المجتهد ١ : ٨.
(٣) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ٩٣ و ٩٤.
(٤) قاله الفخر الرازي في المحصول ٥ : ٢٥٢.