إجبارها ، فيمنع المستدلّ جواز إجبارها ، وهو وارد وفاقا. وهل يجوز للمعترض أن يدلّ على عدم الحكم؟ البحث فيه كما تقدّم في القسم الأوّل (١) خلافا ودليلا واختيارا.
وأمّا النوع الثاني ، فعلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : إظهار المانع (٢) ـ أي بيان وجود معارض يقتضي خلاف الحكم ـ كما إذا قيل : الربا يثبت في الحديد لكونه موزونا ، فينتقض بالرصاص ، فقيل : المانع البياض.
الثاني : بيان انتفاء الشرط ، كما قيل في المثال : الشرط السواد ، وهو منتف في محلّ النقض ، وهما في المستنبطة.
الثالث : بيان الاستثناء ـ أي تخصيصه بغير محلّ النقض ـ وهو في المنصوصة ، كما في مسألة العرايا وباقي الأمثلة المتقدّمة (٣).
وقد أشرنا إلى أنّ التخصيص أيضا معلّل في الواقع بوجود مانع من مصلحة ، كما في العرايا وضرب الدية على العاقلة. أو دفع مفسدة ، كما في حلّ الميتة للمضطرّ. أو بانتفاء شرط ، كما إذا قيل : يحصل الملك في زمان الخيار لحصول سببه وهو البيع ، فينتقض ببيع الموقوف (٤) ، فيقال : هو مستثنى ؛ لانتفاء الشرط. ولمّا لم يكن المانع أو الشرط معلوما لنا بعينه ، فيلزم أن يقدّر بأن يقال : المصلحة في العرايا ـ مثلا ـ عموم الحاجة إلى الرطب والتمر وقد لا يكون عندهم ثمن آخر ، وفي ضرب الدية على العاقلة كون أوليائه يغنمون بكونه مقتولا ؛ لأنّ شرع الدية لمصلحتهم ، فليغرموا بكونه قاتلا ، ودفع المفسدة في أكل الميتة للمضطرّ هو رفع هلاك النفس ، والشرط المنفيّ في عدم جواز بيع الموقوف كون البائع مالكا للمبيع.
فائدة : كلّ إثبات ونفي عامّين ينتقضان بدعوى النفي عن صورة معيّنة أو مبهمة ، والإثبات فيهما ، وبالعكس.
__________________
(١) في ص ٥٠٦.
(٢) أي إظهار المانع وانتفاء الشرط يجريان في الحكمة المستنبطة.
(٣) في ص ٥٠٧.
(٤) أي الوقف.