وجوابه : بيان أنّ الجامع ما اشتركا فيه من الحكمة وهو التسبّب هنا ، وهو مضبوط عرفا.
أو بيان تساوي الضابطين ، أو رجحان ضابط الفرع في الإفضاء إلى المقصود ، فيثبت التعدية ، كما لو جعل الأصل في المثال هو المغري للحيوان على قتل الآدميّ ، فيورد اختلاف الضابط في الأصل والفرع ، فيجاب بأنّ الشهادة في الإفضاء إلى قتل من شهد عليه بالقتل أقوى من الإغراء ؛ لأنّ انبعاث أولياء المقتول على قتل من شهدوا عليه بالقتل طلبا للتشفّي أغلب من انبعاث الحيوان بالإغراء على قتل من اغري عليه ؛ لنفرته عن الآدمي ، وعدم علمه بالإغراء غالبا.
النوع الخامس : اختلاف جنس المصلحة في الأصل والفرع مع اتّحاد الضابط فيهما ، كقول الشافعيّة في اللواط : إيلاج فرج في فرج محرّم شرعا مشتهى طبعا ، فيجب الحدّ كالزنا (١). فيقال : الضابط وإن اتّحد إلاّ أنّ المصلحة في تحريمهما مختلفة ؛ فإنّ الحكمة في حرمة الزنا دفع محذور اختلاط الأنساب ، وفي حرمة اللواط دفع رذيلة [ اللياطة ] ، وقد يتفاوتان في نظر الشارع ، فينوط الحكم بأحدهما دون الآخر. وحاصله معارضة في الأصل لإبداء خصوصيّة فيه ، كأنّه قيل : العلّة ما ذكرتم ، مع كونه موجبا لاختلاط النسب (٢) فجوابه كجوابها.
الجنس السادس : ما يتعلّق بالمقدّمة الرابعة
وهي وجود الحكم في الفرع. ويندرج فيه نوعان :
[ النوع ] الأوّل : مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل ، بأن يقال ـ بعد تسليم وجود علّة الأصل في الفرع ـ : حكم الفرع يخالف حكم الأصل حقيقة وإن ساواه صورة ، والمطلوب المساواة حقيقة ، كأن يقال في قياس البيع على النكاح أو عكسه في عدم الصحّة : الحكم ـ وهو عدم الصحّة ـ مختلف فيهما ؛ فإنّه في النكاح حرمة المباشرة ، وفي البيع حرمة الانتفاع. وإمكان إيراد هذا السؤال على قواعدنا ظاهر.
__________________
(١) راجع : حلية العلماء ٨ : ١٦ ، والمبسوط للشيخ الطوسي ٩ : ٧٧ ، والخلاف ٥ : ٣٨١ ، المسألة ٢٢ ، والمجموع شرح المهذّب ٢٠ : ٢٧.
(٢) قاله الآمدي في الإحكام ٤ : ١٠٩.