واحتجاج الخصم بأنّ فيه قلب التناظر وهو لا يصحّ (١) ، ضعيف ؛ لعدم لزومه منه إذا كان قصد المعترض منه هدم دليل المستدلّ ، وإنّما يلزم لو قصد به إثبات مقتضى دليله ، وليس كذلك.
وجوابه : ما يعترض به على المستدلّ ابتداء من الأسئلة ، والجواب الجواب ، أو ترجيح وصفه بوجه من وجوهه على المختار.
والقول بعدم قبوله فاسد ؛ لوجوب العمل بالراجح ؛ لئلاّ يلزم ترجيح المرجوح ، والإجماع على العمل بالتراجيح.
والحقّ ، عدم وجوب الإيماء إلى الترجيح في متن الدليل ؛ لأنّه خارج عن الدليل ، وإنّما احتيج إليه لدفع المعارضة لا لأنّه جزء منه.
ولا يخفى أنّ هذا السؤال ممكن الإيراد على قواعدنا أيضا ؛ فإنّه لا يمتنع عندنا وجود محلّ أمكن إلحاقه بكلّ واحد من أصلين علّل حكماهما بعلّتين منصوصتين كلّ منهما يقتضي نقيض مقتضى الاخرى فيهما.
وجوابه الأسئلة التي أشرنا إلى صحّة إيرادها (٢) عندنا ، وصحّة الجواب بالترجيح عندنا ظاهرة.
النوع الثالث : الفرق ، وقد تقدّم (٣).
النوع الرابع : اختلاف ضابطة الحكمة في الأصل والفرع ، كأن يقال في شهود الزور على القتل : تسبّبوا بالشهادة للقتل ، فيجب القصاص كالمكره ، فيورد اختلاف الضابط ؛ لأنّه في الأصل الإكراه ، وفي الفرع الشهادة ، ولم يعتبر الشارع تساويهما في المصلحة. وهو ممكن الإيراد على اصولنا (٤). مثلا لو نصّ الشارع على علّيّة التسبّب بالإكراه لقصاص المكره ، فقيس عليه شاهد الزور فيه بالتسبّب بالشهادة ، فللمعترض أن يقول : التسبّب بالإكراه يخالف التسبّب بالشهادة.
__________________
(١) حكاه الآمدي عن قوم في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٠٧.
(٢) تقدّمت آنفا.
(٣) في ص ٥٣٥.
(٤) راجع الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٠٨ و ١٠٩ حتّى تعلم أنّ هذا الأصل على اصول أهل السنّة لا على اصولنا.