والحقّ عدم الجواز مطلقا ؛ لأنّ إرادة المجاز موقوفة على القرينة المانعة من إرادة الحقيقة ، وإرادتها موقوفة على عدم القرينة المذكورة ، فالإرادتان لا تجتمعان (١).
وبهذا يندفع ما احتجّ به المجوّزون من أنّه ليس بين إرادة الحقيقة و [ إرادة ] المجاز منافاة ، فلا يمتنع اجتماعهما (٢).
ثمّ لا يخفى أنّه لم يقل أحد بجواز استعمال اللفظ فيهما على الحقيقة ؛ لظهور بطلانه ؛ فإنّه لم يوضع لهما معا حتّى يكون استعماله فيهما على الحقيقة.
وقال بعض القائلين بمجازيّة الاستعمال : لمّا لم يكن المعنى المجازي داخلا في الموضوع له واريد في الاستعمال ، فيكون مجازا ؛ لأنّه من باب إطلاق الجزء على الكلّ (٣) و (٤).
والجواب : أنّ المتنازع فيه استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي والمجازي على أن يكون كلّ منهما مناطا للحكم ، ومتعلّقا للإثبات والنفي ، لا استعماله في المجموع المركّب الذي أحد المعنيين جزء منه وينتفي المجموع بانتفائه ، كما ينتفي الإنسان بانتفاء الرقبة ، على ما هو شأن الكلّ المعتبر في باب المجاز ، فهما ليسا كلاّ بالنسبة إلى المعنى الحقيقي.
وبعضهم عكس الأمر وقال : العلاقة إطلاق الكلّ على الجزء ؛ لأنّ الموضوع له هو المعنى الحقيقي مع قيد الوحدة ، فبعد تعريته عنه يصير اللفظ مستعملا في جزء الموضوع له (٥).
والجواب ما عرفت (٦) من أنّ الوحدة والانفراد من عوارض الاستعمال ، مع أنّ العلاقة المعتبرة إطلاق اللفظ الموضوع للكلّ على الجزء فقط ، لا عليه مع شيء آخر ، وهنا اطلق [ على ] الجزء ـ أعني المعنى الحقيقي ـ مع شيء آخر أعني المعنى المجازي.
واستدلّ من قال بكونه حقيقة ومجازا : بأنّ اللفظ إذا كان مستعملا في معنيين ، وكان في
__________________
(١) اختار المصنّف في تجريد الاصول جواز الاستعمال ، وأنّه حقيقة ومجاز بالاعتبارين. راجع شرح تجريد الاصول لابنه أحمد ( مخطوط ).
(٢) قاله المحقّق الحلّي في معارج الاصول : ٥٣ و ٥٤.
(٣) أي إطلاق اللفظ الموضوع للجزء على الكلّ.
(٤) راجع المحصول ١ : ٣٤٣.
(٥) المصدر.
(٦) في ص ٤٩.