[ الصورة ] الثانية : معارضة المجاز للاشتراك. والحقّ أنّ المجاز أولى ؛ لأغلبيّته في المحاورات ، والمظنون إلحاق الشيء بالشائع الأغلب ؛ ولأنّ الاشتراك مخلّ بالتفاهم ، فيلزم الاحتراز عنه مهما أمكن. وقد ذكر وجوه أخر لترجيح المجاز. والاعتماد على ما ذكرناه. وذكر وجوه لترجيح الاشتراك على المجاز لا يفيد شيئا ، ولا يقاوم وجها واحدا ممّا ذكر.
وكيفيّة التفريع : أنّ النكاح استعمل في العقد والوطء كليهما ، فيمكن أن يكون من باب الاشتراك ، وأن يكون من باب الحقيقة والمجاز ، فالثاني أولى ؛ لما عرفت.
ثمّ قيل : هو حقيقة في العقد ، مجاز في الوطء (١). وقيل بالعكس (٢).
والحقّ الأوّل ؛ لحصول التبادر في العقد دون الوطء. فعلى هذا يحمل النكاح في قوله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ )(٣) على العقد ، فيحكم بتحريم معقودة الأب على الابن. وعلى الاشتراك يلزم التوقّف ، كما أشرنا إليه (٤). وعلى القول بكونه حقيقة في الوطء ، مجازا في العقد ، يلزم الحكم بتحريم موطوءة الأب دون معقودته.
[ الصورة ] الثالثة : معارضة المجاز والتخصيص ، كقوله تعالى : ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً )(٥) فيمكن أن يكون المراد بالمشركين ما عدا أهل الذمّة ، فيكون مجازا من باب تسمية الجزء باسم الكلّ. ويمكن أن يكون المراد الحقيقة ـ أعني جميع المشركين ـ لكن خصّ عنه أهل الذمّة بدليل من خارج.
ثمّ قيل في أولويّة التخصيص : إنّ الحمل عليه يستلزم حصول المقصود عند وجود القرينة وعدمها.
__________________
(١) نسبه الأسنوي إلى الشافعي وأصحابه في التمهيد : ١٩٠ و ١٩١.
(٢) راجع المصدر : ١٩١.
(٣) النساء (٤) : ٢٢.
(٤) في ص ٤٦.
(٥) التوبة (٩) : ٣٦.