لنا ووجدنا الصفات فيكم رجوناك فقصدناك.
فطمأنه هولاكو وكتب فرمانا باسمه يطمئن فيه أهل الحلة وأعمالها. وعاد الشيخ وبيده عهد الأمان المطلوب ، يضمن فيه السلطان سلامة أهل الحلة والكوفة والمشهدين. (١)
كل هذا مما مرّ على شيخنا المترجم له وهو في سنّ الثامنة من عمره ، ولا شك أنه سمع أنباء الوقعة ببغداد وأنها أتت على الأخضر واليابس فسجل ذلك وقعا أليما في نفسه ، وان كان لم ينعكس من ذلك شيء في آثاره سوى هذا الذي ذكره في كتابه : كشف اليقين ، ولكن لم يكن له ذلك وهو يعاصر سلطة أعقاب هولاكو.
دراساته العلمية
وبعد تعلمه القراءة والكتابة والقرآن الكريم لدى الشيخ محرّم ، تولّى تربيته العلمية والده الامام سديد الدين وخاله الشيخ نجم الدين المحقق الحلي صاحب (الشرائع) فتخرج عليهما في العربية والفقه والأصول والدراية والحديث والكلام (٢).
وحضر الشيخ الأعظم الخواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه) فاجتمع عنده فقهاء الحلة لدى الفقيه الأكبر الشيخ نجم الدين جعفر وقال : من هؤلاء الجماعة؟
فقال : كلهم علماء فاضلون ، ان كان أحدهم مبرّزا في فنّ كان الآخر مبرّزا في فنّ آخر. فقال : من أعلمهم بالأصولين أصول الفقه والعقائد؟ فأشار الشيخ نجم الدين الى الشيخ سديد الدين والد العلامة وإلى الفقيه مفيد الدين محمد بن الجهم وقال : هذان اعلم الجماعة بعلم الكلام وأصول الفقه (٣).
وعاد الخواجة نصير الدين الطوسي من الحلة إلى بغداد واصطحب معه العلامة الحلي فسأله في الطريق عن اثنتي عشرة مسألة من مشكلات العلوم. فلما سئل الطوسي عما شاهد في الحلة قال : رأيت خرّيتا ماهرا ، وعالما إذا جاهد فاق. يقصد بالخريت الماهر : المحقق الحلي ، وبالعالم :
__________________
(١) كشف اليقين للعلامة الحلي ص ١٨ ط ١٢٩٨ طهران.
(٢) الإجازة الكبيرة لآل زهرة في إجازات البحار.
(٣) لإجازة الكبيرة لآل زهرة في إجازات البحار وخاتمة المستدرك.