واستقبلت مكة في هذا العهد بعض الخلفاء الحاجين اليها فقد حج اليها الخليفة ابو جعفر المنصور أربع حجج كانت في سنة ١٤٠ و ١٤٤ و ١٤٧ و ١٥٢ غير الحجة التي حجها قبل خلافته سنة ١٣٦ ثم حج حجته السادسة في سنة ١٥٨ ولكنه مات ولم يبلغها لأن المنية عاجلته في بئر ميمون على كيلومترات من مكة وهي بالقرب من منى (١).
وحج المهدي سنة ١٦٠ و ١٦٤ أما الرشيد فقد بلغ الرقم القياسي الذي لم يبلغ شأوه خليفة فقد حج تسع حجج كانت في سنة ١٧٠ و ١٧٣ و ١٧٤ و ١٧٥ و ١٧٧ و ١٧٩ و ١٨١ و ١٨٦ و ١٨٨ وفي حجة عام ١٧٣ أحرم من بغداد وبلغ من تواضعه أن صعد في عام ١٧٩ الى منى فعرفات من مكة ماشيا وشهد جميع المشاهد ماشيا ، وفي هذه السنة حضر العمرة في رمضان ثم ذهب الى المدينة فبقي بها الى أن وافى وقت الحج فحج بالناس وهو آخر خليفة حج من بغداد (٢) وقد ذكروا أنه أول خليفة حمل اليه الثلج الى مكة (٣).
وفي بعض حجات الرشيد أخلى له المسعى ليسعى فيه فتعلق ببغلته وهو يسعى عبد الله بن عمر بن عبد العزيز وصاح به يا هرون فقال لبيك يا عم قال ارق الى الصفا فلما رقى قال اعلم أن كل واحد من هذه الخلائق يحاسب عن خاصة نفسه وأما أنت وحدك فتسأل عنهم أجمعين فبكى هرون بكاء شديدا. ثم قال له : وأخرى أقولها لك ان الرجل اذا أساء التصرف في ماله حجر عليه فكيف
__________________
(١) شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٢٥.
(٢) شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٢٥.
(٣) أعتقد انه ثلج طبيعي كانوا يحتفظون به في الاقاليم الباردة بوسائل صناعية وتقدمت صناعة حفظه عندهم حتى استطاعوا أن ينقلوه محفوظا الى البلاد النائية في معظم شهور السنة.