عام ٦٢٩ أمر المستنصر بالله بتعمير الكعبة وسقفها وبعض أركانها (١) وكان العباسيون يكسون الكعبة طوال هذا العهد ويكتبون في طرازها «حزامها» آيات من القرآن كما يكتبون اسم الخليفة ويذكر ابن جبير ان كسوتها كانت خضراء.
ويذكر ابن جبير ان بعض ارض المطاف كان مبسوطا بالحجارة منها البيض كأنها الرخام ومنها السود والسمر وقدر عرض هذا الفرش بتسع خطوات ثم قال وفرش باقي المطاف بالرمل الأبيض الا جهة مقام ابراهيم فقد اتصل فرش الحجر حتى أحاط به ثم قال وطواف النساء في الجزء المفروش بالرمل من أرض المطاف (٢).
وكان المسجد يضاء في هذا العهد بمشاعل وصفها ابن جبير في رحلته فقال انها توقد في صحاف من حديد فوق خشب مركوزة ، تطيف بحاشية المطاف وعلى بعد يسير منه فيتقد الحرم نورا ، ثم قال ويوضع الشمع بين يدي الأئمة في محاريبهم (٣).
ومحاريب الأئمة هي المقامات التي ذكرنا إنشاءها في العهد الفاطمي ليصلي فيها الأئمة الأربعة.
وقد وصف ابن جبير صلاة الأئمة في رحلته الى مكة في عام ٥٧٨ فقال وهم أربعة أئمة سنية وامام خامس لفرقة تسمى الزيدية (٤) وأشراف هذه البلدة
__________________
(١) تاريخ الكعبة للشيخ حسين باسلامه ص ١٧٤
(٢) رحلة ابن جبير ٥٧
(٣) المصدر نفسه ٧٥
(٤) الزيديون هم أتباع زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضياللهعنهم ، وهم يقولون بإمامة أولاد علي ويجوزون إمامة المفضول على الافضل للمصلحة العامة وكانت الشيعة ترفض هذا المبدأ فسميت كل طوائف الشيعة روافض الا الزيدية وأهم مواطن الزيدية اليوم في اليمن وكان أول من دعي فيها الى مذهب الزيدية هو السيد يحي بن القاسم المرسي جاء الى اليمن في عام ٣٨٠ هجرية واقام في صعدة وملك ما بينها وبين صنعا بعد وقائع عظيمة حاربه فيها عمال العباسيين