اشرف بقعة وهي المسجد الحرام فسر لجوابه ثم بلغه انه لا يتقاضى شيئا لوظيفة الامامة فقال له اني فرضت له مائة دينار شهريا لقاء امامتك فقال : ان امامتي حسبة لله لا اقبل عليها جزاء ثم ما لبث ان انسل من المجلس دون ان يأذن له قايتباي وقال وهو يخرج : سلام عليكم. فعلق بعض الوشاة على ذلك وقال للسلطان انه اراد الآية (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) فلم يسمع السلطان للوشاية وقال انني تصورته أسدا قوي الشكيمة في اول مقابلته لي ولما عاد السلطان الى مصر ارسل امرا بتعيين الشيخ رئيسا للقضاة ومشيخة الحرم والافتاء والتدريس والحسبة فوصل الرسول مكة وأراد تسليم الاوامر الى الشيخ نفسه فلما انتهى الى بيته قيل له انه ذهب يحمل عجين بيته ليخبزه في فرن في اقصى الشارع فعجب الرسول من ذلك واستخف بعمله ثم انتظره الى جوار البيت حتى حضر وسلمه الاوامر فاهداه الشيخ رغيفين من خبزه فصعب ذلك على الرسول وقال ان مثل هذه التعينات لا تقل مكافأتها عن الالف. فأعاد الشيخ اليه اوراق التعيينات وقال : تفضل فاعدها الى سلطانك فانه لا حاجة لي بها (١)
__________________
(١) تاج تواريخ البشر للعلامة الحضراوى «مخطوط»