في ٨٥ مركبا مشحونا بالرجال والسلاح فتحمس أبو نمى للقائهم ونادى مناديه في أسواق مكة وبين القبائل بالجهاد العام فتطوع الأهلون كما تطوعت البادية فأعطاهم من السلاح ما يكفيهم وخرجوا في جيش جرار الى جدة حيث قابلوا العدو المغير وصدوه بقوة السلاح عن مينائهم وكان أبو نمى في الصفوف الأولى للمدافعين وقد رؤي لابسا درعه شاكي السلاح يتقدم المجاهدين (٢).
ويقص علينا الدحلان (٣) قصة لها دلالتها على تسامي الشريف أبي نمى وتعاظمه فقد ذكر أن تركيا من ولاة اليمن اسمه محمود باشا أوفد الى مصر من قبل الخليفة الى أبي نمى ببعض الهدايا فلما قابله لم يخرج ممنونا من نوع المقابلة فأسر ذلك في نفسه حتى ولاه الأتراك امارة الحج في عام ٩٥٨ فاغتنم الفرصة وتحرش بعسكر أبي نمى ونادى بسقوطه في أيام الموسم فصارت الفتنة بين قواته وعسكر أبي نمى في أيام منى.
واغتنم غوغاء البادية الفرصة فأوقعوا في الحجاج وبات الناس في أمر مريج وتعطل الكثير من مناسكهم ، وقد أدرك أبو نمى سوء العاقبة إذا ترك الغوغاء يوقعون بالحجاج ، فركب بنفسه لملاقاتهم وقد أثخن فيهم الجراح كما هزم عسكر محمود باشا فانطلقوا مبعدين عن مكة ، ولما عاد محمود باشا الى تركيا كتب الخليفة يعتذر عما حدث ويخبر أبا نمى أن محمود باشا لقي عقابه لديه.
واستمر أبو نمى على أمره في مكة الى سنة ٩٧٤ وكان قد بلغ به العمر فتنازل عن امارته لابنه الحسن وكتب بذلك إلى الخليفة العثماني فأقره.
__________________
(٢) خلاصة الكلام ٥٢.