بالمدافع ثم اعملوا السيف في عسكر جدة حتى اجلوهم عن مواقعهم وادرك الشريف عبد الله ان لا فائدة ترجى فغادر مكة الى جدة ثم الى استامبول حيث توفي فيها في السنة نفسها.
وبذلك عاد الشريف سعد الى حكم مكة للمرة الثالثة (١) وجلس يستقبل تهاني المهنئين ومدائح الشعراء ومشى آلاي الترك ـ الذي حاربه بالأمس ـ بين يديه يحتفي به.
وقد أولم للعربان المناصرين ولائم كثيرة في بستان وزيره عثمان حميدان حضرها بنفسه ثم ما لبث ان تلقى في اواخر رمضان من السنة نفسها ١١٠٦ مرسوم التأييد من الخليفة فأقيمت معالم الزينة في مكة.
وفي اوائل عام ١١٠٧ ندب اخاه محسنا بن حسين لامارة المدينة وفي جمادي الاولى غزا بعض العصاة شرقي الطائف وظل في قتالهم الى ان عاد في ٢ ذي الحجة وفي هذا العام توفي مفتى مكة عبد الله عتاقي فأقيم للفتوى الشيخ عبد القادر أبو بكر الصديقي.
واستقر امر مكة في هذا العهد وامنت السبل واصبح جميع الاشراف على وفاق مع سعد الا جماعة من ذوي عبد الله ما لبثوا ان اختلفوا معه في شأن اعطياتهم وخرجوا مغاضبين فاستدعى بعض الاشراف من ذوي بركات وكلفهم بحراسة الطرق فاطاعوا ثم تلافى أمر ذوي عبد الله وأرضاهم حتى اطاعوا له.
ثم نقضوا الطاعة وتجمعوا في مكان يقال له الحمام «بتشديد الميم» من وادي فاطمة (٢) واجتمع اليهم جماعة من قبائل الروقة ومطير فاستعان سعد باقربائه من ذوي زيد وأصدقائه من ذوي بركات وسار اليهم فعلم أنهم تركوا الحمام في
__________________
(١) منائح الكرم للسنجارى «مخطوط»
(٢) آثار الحمام باقية الى اليوم وكان قد بناه بعض الأشراف حوالى القرن الحادى عشر الهجري بجوار بيوتهم هناك