بامراء الحج فاننا لا نستطيع ان نفهم ان يكون لهم صلاحية العزل والتنصيب دون اطلاع الخليفة واستصدار امره في ذلك. ولكنها فوضى الاداره تأبى الا ان تساعد على تفاقم المشاكل بين الاشراف وزيادة الاضطراب في البلد الامين.
واستيقظ الامير مساعد على صوت الرصاص فادرك حقيقة الموقف فاستنجد بعسكره من اليمنيين وارسل الى حاكم السوق ليجمع له ما استطاع من السوقة في حارات مكة فتكون له بذلك دفاع استطاع ان يواجه الموقف به .. وقد دارت رحى القتال بينهم عنيفا في شوارع مكة نحو ٢٤ ساعة ثم انجلى الموقف بانتصار الشريف مساعد وهزيمة عسكر امراء الحج ، وبهزيمة امراء الحج وقع النهب في معسكراتهم حتى لم يبق لهم ذخيرة او عتاد فالتمس امراء الحج من مساعد الصلح ورجوه اعادة ما نهب منهم فقبل ذلك واعاد ما استطاع اعادته من منهوباتهم.
ولم ينته الامر عند هذا الحد لاننا نجد امير الحج الشامي احد ابطال الحادثة المذكورة يعود الى امارة الحج في الموسم التالي عام ١١٧٢ وما كاد يفرغ الحجاج من مناسكهم حتى يدعو الى مجلس عام للنظر في شؤون عين زبيدة ويطلب الى مساعد حضوره ثم يبدأ البحث في موضوع العين وينتهي بالقبض على مساعد فيعرف الحاضرون ان الاجتماع لم يكن له من غرض الا اعتقال الشريف مساعد.
وباعتقاله اضطربت الامور في مكة وكادت الفتنة تقع لولا ان امير الحج أبرز في مجلس عام بالمسجد مرسوما جديدا يخوله تولية من يراه صالحا لمكة (١).
ولسنا في حاجة لتفسير الرواية لان المفهوم بالبداهة ان امير الحج وقد هزم في عامه السالف استطاع ان يعد عدته لانفاذ فكرته فاصطحب سلاحا جديدا يخوله حق العزل والتنصيب وهكذا تتسع الادارة العثمانية لشتى الرغبات الجامحة وقد
__________________
(١) افادة الانام للشيخ عبد الله غازي «مخطوط»