هؤلاء الاشراف هل كانوا مذنبين؟
الواقع انهم كانوا كذلك ولم يكونوا. كانوا مذنبين بتعسفهم في فهم الحقائق وتعصبهم لما يرونه حقا وافراط كل فريق منهم في التعصب الى حد العناد الذي يؤدي الى تقطيع الارحام وامتشاق السيوف واثارة الحروب.
ولقد قاست مكة في سبيل عنادهم هذا الويلات والشدائد والموت والجوع ما يعجز الوصف عنه ويكل القلم ، طول أحقاب عديدة كما قاسوا هم انفسهم من جرائه ما يعز معه الصبر.
وأمعن بعضهم في العناد حتى سام اخوانه من العذاب ما لا يطاق وأباح لأنصاره في غامد وزهران أن يهتكوا اعراض مناوئيه في البلاد وفعل غيره أبشع من ذلك.
كل هذه الويلات يعتبرها العرف ذنوبا الا أن الفلسفة لا تلبث ان تتشبث بالظروف الملابسة لتتعرف مدى ما تنطق به.
هؤلاء الاشراف توارثوا الحكم من اجدادهم في وضع مرتبك لا تنظمه قاعدة مسنونة ولا يقيده عهد شامل مكتوب ولا يستقيم الامر لحكومة ملكية على وجه الارض ما لم تنظم لولاية العهد فيها قواعد ثابتة لا يشوبها خلل ولا يتخللها ارتباك والا كانت تلك الشوائب مدعاة للاضطراب والفتن واثارة الحروب.
ولسنا في حاجة الى التدليل على هذا فان تاريخ الحروب الاهلية في كافة الامم على وجه الارض يدلنا بأفصح بيان على أن معظم وقائعها الصاخبة كانت تدور حول محور واحد هو الخلاف على وراثة العهد وذهاب كل من المتطاحنين الى