سابق الدهر عثر ، لكل عود عصارة ، ما كل عورة تصان ، غدرك من دلك على الاساءة ، كل الصيد في جوف الفراء ، مكره أخاك لابطل ، كل شاة برجلها معلقة ، زارع لنفسه حاصد لسواه ، لاقرار على زأر من الأسد.
واتسعت أسواق مكة التجارية للتنافس بين مفكريها من الشعراء وأصحاب البيان فكانت ملتقى الخطباء من سائر بلاد العرب ، وكانت مجالا ثقافيا لم يسبق له نظير بين دول اليمن في الجنوب وحكام الحيرة وغسان في الشمال ، وفي مظان التاريخ المطولة من أخبار أسواقهم ما يغنى عن الافاضة.
ومن أشهر أسواق العرب في منطقة مكة : سوق عكاظ ، وقد اختلف المؤرخون في تحديد موقعه ، وأجدني أميل الى ما ذكره صاحب معجم البلدان وهو أنه في واد بينه وبين الطائف ليلة وبينه وبين مكة ثلاث ليال وكانت هناك صخور يطوفون بها وهو وصف ينطبق من أكثر وجوهه على محطة السيل الكبير وبه صخور لا تزال قائمة الى اليوم وهو واد يتسع كثيرا لقوافل العرب (١) ثم سوق مجنة (٢) وهو موضع قرب مكة ، وذو المجاز وهو على نحو ميلين من عرفات (٣)
وكانت قوافل العرب تتجمع في عكاظ الى العشر الأخير من ذي القعدة ثم يفيضون تباعا الى ذي المجنة ولا يبدأ سوق ذي المجاز إلا في «يوم التروية» الثامن من ذي الحجة ويضيف بعضهم الى هذه سوق مكة ومنى ودومة الجندل ،
__________________
(١) خلال السنوات القليلة الماضية صدرت عدة كتب عن سوق عكاظ ، وكتب مقالات كثيرة وتكاد كلها تجمع على أنه شرق الحوية يمين الذاهب الى الرياض من الطائف على نيف واربعين كيلا. (ع)
(٢) أرجح أنه بلدة بحرة ، وانظر معجم معالم الحجاز (ع)
(٣) هو على ١٥ كيلا شمال عرفات ، في شعب ينقض من كبكب غربا ، على يمين المتجد من مكة الى الطائف مارا بحنين ، فيه آثار لا زالت ترى (ع).