العمل الجاد في سبيل الحياة فاستكانوا لهذا الظل الوارف وتوطنت نفوسهم على احترام العلاقة التي تربطهم بآل عثمان والرضا بتبعيتهم للدولة وباتوا في اكثر المدن لا يهتمون الا بتلقين اولادهم حب السلاطين من آل عثمان والدعاء لهم بالعز والتمكين كما بات رجال القبائل في البادية لا يأبهون الا باستيفاء حقوقهم في العوائد المقررة لهم من الدولة حتى اصبحوا لا يبالون بخروجهم عليها وقطع السبيل على رعاياها كلما انقطعت عنهم المرتبات او افلسوا.
واستطاع العثمانيون بفضل اموالهم وبالرغم من تذمر بعض القبائل التي كانت تتذمر كلما احوجها المال ان يدعموا نفودهم في البلاد أشد مما كان عليه امرهم في عهدهم الاول لاننا نجد ثورات الاشراف قلت عن سابقاتها في عهد اجدادهم كما نجد انهم اصبحوا يطيعون أوامر الدولة ويتحاشون غضبها اكثر مما كان أجدادهم يفعلون فقد كنا نجد اجدادهم في عهد العثمانيين الاول ينصبون الامير بعد الامير ثم يطلبون تأييده من الدولة وقلما كان صنجق جدة التركي يستطيع ان مرض كلمته أما في هذا العهد فقد تغير الامر واصبح صنجق جدة الذي انتقل الى مكة بقلب «الوالي» يستطيع ان يستقل بمقدرات الامارة ويتصرف في تنصيب الامير بعد الامير ثم يكتب عن رأيه الى العثمانيين ليتلقى تعليماتهم وأوامرهم.
وكانت القضايا الادارية للبلاد من اختصاص أمرائها الاشراف في العهد العثماني الاول فاقتضى تنظيم العثمانيين في هذا العهد أن يؤسس لها في كل مدينة بالحجاز مجلس خاص للفصل فيها وكان يتكون من بعض الحجازيين والاتراك كما اسس مجلس آخر للتمييز وذلك في سنة ١٢٨٦ وبذلك خفت هيمنة الاشراف على ادارة البلاد واستطاع العثمانيون أن يبسطوا نفوذهم كاملا.