ان نقول أن مجموعة الاجناس والجاليات أثرت في تكوين طابع مكة حتى اذا استقام ذلك الطابع استطاع ان يدمغ جميع القاطنين والمجاورين بدمغة واحدة يبدو أثرها في أكثر تقاليدهم وعاداتهم ولغتهم وطريقة حياتهم.
ولو وقفت الهجرة عند حدها فى هذا العهد ولم تستمر الى ما بعده لنسي الناس ان يبنهم مصريين أو هنديين أو جاويين ولكن امتداد حركة الهجرة هو الذي ظل يذكر كل جالية بأصولها ويجمعها بالطارىء من أجناسها وهكذا كان الشأن في جميع ذلك مما يتعلق بالمدينة او جدة.
ولعل مظاهر المجتمع في هذا العهد الذي ندرسه كانت أقرب الى التوحيد في الزي والعادة منه فيما أتى بعده من عهد الى الآن لان الاهالي من طبقة العلماء والطلبة كانوا يتفقون في ارتداء الجبة والعمامة مع فارق بسيط يميز العلماء فقد كانوا يلفون عمامتهم على ما يشبه الطربوش الخوص يزينه غطاء مزخرف بألوان عدة من القماش يسمونه (ألفية) ويضيفون الى الجبة كساء آخر تحتها كانوا يسمونه (شاية) يتمنطقون فوقه بحزام من قماش رقيق وينتعل كبارهم الخف بينما يكتفي الطلبة بالجبة ويلفون عمامتهم على غطاء رقيق للرأس يسمونه «كوفية» أو «طاقية» ويشارك العلماء في زيهم أكثر الاعيان واصحاب المناصب بينما يشارك الطلبة كثير من الطبقات غير العمال وبذلك نجد ان الطبقات تتشابه في زيها مع فوارق لا تكاد تذكر اذا استثنينا طبقة العمال.