دولته التصرف الا في حدود من ارشاداته وقد كلفه ذلك ارهاقا لا يطاق وزج به في كل صغيرة من مقدرات البلاد فكان يشارك العسس وكناسي المسجد وعرفاء البلدية ومحرري الجرائد في أعمالهم ويتصل بهم اتصالا مباشرا. ويأبى حتى على أولاده أو المتصلين بديوانه من أصحاب الثقافات العالية ان يستعملوا عقولهم لخدمة القضية فهو عريف الجميع ولا صواب الا فيما يراه.
وكان يقظا حريصا على سلامة الدولة ولكنه كان يتغالى في يقظته حتى فرض الجواسيس ومنع الاجتماعات وأبلى حياته في تتبع ذلك وأكثر فيه حتى شارك المراقبين في دوراتهم الليلية وتجسس بنفسه بين الازقة والبيوت فعانى الناس من ذلك شيئا كثيرا ووجد مسترقوا السمع لديه الفرصة مواتية للايقاع بمن يكرهون فامتلأت سجونه بالابرياء والمذنبين في وقت واحد .. وكان الى جانب هذا لا يعترف بحرية الرأى ويحارب قراءة الصحف مهما كان نوعها فضلا عن ان يبيح صدورها في بلاده.
وكان يعطف على الفقراء ويسند الضعفاء ويترك أبوابه مفتوحة للشاكين والاجئين ولكنه كان يقسو في أكثر الاحيان على كثير من الناس وكان يشتط على فريق التجار والمستوردين والصرافين والمتلاعبين بالاسعار فيفرض عليهم العقوبات أو يصادر أموالهم ، وأذلهم في أحد المرات بكنس الشوارع وتنظيفها علانية كما كان يترصد البيوت التجارية التي يشعر أنها تمعن في جمع الثروات فيفرض عليها الاتاوات فرضا لا يقبل الهوادة ولا التسويف ويبالغ في فرضها اذا كان الثري من غير البلاد.
وكان يقتصد في أموال الدولة ويضن بصرفها ولكنه كان يبالغ في ما يقتصد فلا يكسو الجند الا أثوابا عادية من القطن الرخيص المصبوغ الكثير الترقيع ولا يبذل