يهادنون في بعض مبادئهم تحاشيا من أن يخسروا كامل المعركة فقد مر بنا تعصب لما افترض لنفسه فى حلفه مع البريطانيين .. والبريطانيون قوم ضرستهم الايام وعلمتهم كيف يحنون رؤوسهم للعاصفة حتى اذا مرت نصبوا قاماتهم واقفين وحققوا نواياهم غير مبالين.
كان الحسين يعلم مبلغ الفرق بين قوتهم وضعفه ولكن مضاءه أبى عليه الا ان يثبت لما أعتقد رغم مماطلتهم.
وعقد مؤتمر الصلح على أثر الهدنة وتسليم العثمانيين فدعى الحسين ليندب من يمثله فاختار ابنه فيصل وألزمه أن لا يهادن.
ولما فشل في اثبات حقه في المؤتمر كما فشل قبل المؤتمر ظل على مضائه يكيل لهم من شنيع القول ما وسع الشقة وزاد في الهوة.
واقتضت مطامع الانكليز الاستعمارية أن يفصلوا العقبة عن الحجاز بدعوى انهم يضمونها الى ابنه في شرقي الاردن فلم ينطل عليه الامر وشرع يكيل لهم الاحتجاجات العنيفة في الفاظ قاسية. ولو كان لعنف الاحتجاجات وقسوة الالفاظ قوة المدافع والاساطيل لاستطاع أن يصل الى حقوقه كاملة اما والامر غير ذلك فان عناده في الخصومة لم يستفد منه غير تعقيد الامور واتساع الخرق.
وقد اتسع الخرق حتى بات البريطانيون يحسبون حسابه كلما ارتفع صوت بين أحزاب العرب فرأوا أن يتخلوا عنه ويتركوه لخصمه ابن السعود يحل مشاكله معه بنفسه (١) وبذلك عجز عن المقاومة واضطر الى ترك البلاد. ولم تهن سورته حتى بعد ان ترك البلاد فقد ظل يوالي احتجاجاته في قسوة ويشهر
__________________
(١) راجع جزيرة العرب فى القرن العشرين للشيخ حافظ وهبه ١٩٥