الكرة (١) فسقطت فى حجره ، فعجبوا من ذلك وقالوا : ما كذبتنا هذه الكرة قطّ إلّا هذه المرة .. وأنّى لهذا الأعرابىّ أن يملك الإسكندرية؟! هذا مالا يكون (٢).
فلما فتح المسلمون الشام ، خلا (٣) عمرو بأمير المؤمنين عمر بن الخطّاب ، رضى الله عنهما ، واستأذنه فى المسير إلى مصر ، وقال : إنّى عالم بها وبطرقها ، وهى أقل شىء منعة ، وأكبر أمرا .. فكره أمير المؤمنين عمر الإقدام على من فيها من جموع الروم ، وجعل عمرو يهوّن أمرها ، وقد أمر أصحابه أن يتسلّلوا (٤) فى الليل ، ثم اتبعهم ، فبعث إليه عمر أن كن قريبا منى (٥) حتى أستخير الله تعالى ، وذلك سنة ١٨ من الهجرة النبوية (٦).
__________________
(١) فى «م» : «غارت الأكرة» .. وفى «ص» : «عادت» والأخيرة صواب.
(٢) فى «م» : «وأنّى لهذا الرجل الأعرابى بملك الإسكندرية؟ هذا ما يكون». والصواب : «هذا مالا يكون». وقد أثبتناه عن «ص» .. وهذه القصة انفرد بها السيوطى ـ فى حسن المحاضرة ـ وحده من دون المؤرخين ، وتناقلتها بعض كتب التاريخ الحديثة على أنها قصة صحيحة ، وهى لا تثبت للنقد والتحليل العقلى والمنطقى ، وليس لها أصل صحيح ، وعدّها بعض الكتّاب حديث خرافة من خرافات المؤرخين الأولين ، وهى من وضع القصّاصين والوضّاعين الذين حشروها وحشروا الكثير غيرها بين ثنايا التاريخ الإسلامى لغاية فى نفوس أعداء الإسلام.
[انظر حسن المحاضرة للسيوطى ج ١ ص ٩٤ و ٩٥ ، وفضائل مصر للكندى ص ٥٠. وانظر «عمرو بن العاص» لصابر عبده إبراهيم من ص ١٤ ـ ٢١ سلسلة أعلام الصحابة].
(٣) فى «م» : «فلما مضيت» .. وفى «ص» : «فلما مضت فتح المسلمين للشام فخلا ..».
(٤) فى «م» : «يتسلسلوا». تحريف.
(٥) فى «م» : «فبعث إليه عمرك قريبا منى». قوله «عمرك» تصحيف.
(٦) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «سنة سبع وعشرين» ولا يصح ذلك ، وقد اختلفت الروايات فى فتح مصر ، فابن كثير وابن الأثير يقولان سنة ٢٠ ه ، والبلاذرى ذكر مسير عمرو إلى مصر فى سنة ١٩ ه ، والطبرى ما بين ١٩ ـ ٢٥. وأصح الروايات أنه اخترق صحراء سيناء حتى وصل إلى العريش ، وصادف يوم وصوله العاشر من ذى الحجة سنة ١٨ ه. وهو الموافق للثانى عشر من ديسمبر سنة ٦٣٩ م.
[انظر فتوح البلدان للبلاذرى ص ٢١٩ وما بعدها ـ فتوح مصر والمغرب. وانظر عمرو بن العاص لصابر عبده إبراهيم ص ٧٣].