الحجاب الأعظم المعظم (١) أقسمت ألّا تبرح ولا تزول حتى تنعم. فكشف لها الحجاب ، وناداها : أنا الرّبّ الأعظم المعظم ، أنا علّام الغيوب ، أنا المطّلع على الضمائر ، أنا مراقب الحركات ، أنا راصد اللّحظات (٢) ، أنا العالم بمجارى الفكر وما أصغت إليه الأسماع.
ثم قال لأرواحهم : أنا طالعتك ورفعتك إلى قربى ، وقرنت ذكرى مع ذكرك ائتلافا ، وعرّفتك نفسى وصافيتك إعطافا ، وجلّلتك سترى إلحافا ، فاشكرى لى أزدك أضعافا (٣).
ثم قال : يا قلوب صفوتى التئمى ، ويا أهل محبّتى حافظوا على لزوم مودّتى.
فلما وعت القلوب كلام المحبوب وردت على بحر الفهم ، فاغترفت منه رىّ الشراب ، فهلّ عليها عارض (٤) صدر إليها من محبوبها ، فسجدت له تعظيما ، وأذن لها فكلّمته تكليما (٥) ، وأفرغ عليها من نوره فزادها تهييما (٦) ، فرجعت إلى الأبدان بطرائف الفوائد (٧) ، فظمئت وعطشت ... فهل تدرى ما أعطشها؟! كشف لها عن غيوبه (٨) فطاشت ، وشاهدت قربه فعاشت ، فى كل يوم تطالع (٩) علما جديدا ، فهو لها يزيد (١٠) ، وكيف لا يكون هذا
__________________
(١) قوله : «المعظم» عن «م».
(٢) فى «ص» : «مراصد اللحظ».
(٣) فى «م» : «فاشكرنى أذكرك إعطافا». وفى الكواكب السيارة : «فاشكرينى».
(٤) فى «م» : «سهل عليهم» تحريف من الناسخ. والعارض : المطر.
(٥) «تكليما» عن «ص» ولم ترد فى «م».
(٦) هكذا فى «م» وهى تعنى : شدة الحب. وفى «ص» : «تهيبنا» تحريف.
(٧) فى «م» : «الفرائد».
(٨) فى «ص» : «عيونه» تحريف. وفى الكواكب السيارة : «غيوبها».
(٩) فى «م» : «يطالع».
(١٠) فى «م» : «يريد» بالراء.