لها : أوصينى. فقالت : يا ذا النون ، اجعل التّقوى (١) زادك ، والزّهد شعارك ، والورع دثارك ، لا يبعد عليك المطلوب ، ولا يغلق فى وجهك باب المحبوب.
يا ذا النون ، إنّ لله أحبابا عرّفهم [به](٢) فعرفوه ، وأطلق ألسنتهم بذكره فنزّهوه ، لو احتجب عنهم طرفة عين لتقطّعوا من ألم البين.
وحكى عنها أنها كانت تناجى ربها فى بعض الأيام فقالت : «يا سيدى ، هل تحرق قلبى بحبك؟». فإذا النداء : يا ميمونة ، لا تظنّى (٣) بنا إلا خيرا فإنّا لا نفعل ذلك أبدا. فقالت : وا شوقى إليك ، وإن قرّبتنى! واحيائى منك ، وإن غفرت لى!
وأنشدت تقول شعرا (٤) :
ما بقا دمع فأبكى |
|
ها فؤادى فتّشوه (٥) |
إن وجدتم غير ربّى |
|
فدعونى ودعوه |
* * *
قبر أشهب ـ صاحب مالك بن أنس (٦) :
وإلى جانبها من الشرق تربة بها قبر الفقيه الإمام العالم أبو عمر أشهب
__________________
(١) فى «م» : «جعل الله التقوى» وما أثبتناه عن المصدر السابق ، وهو المناسب للسياق ، فالمقام ليس مقام دعاء ، بل مقام «توصية».
(٢) ما بين المعقوفتين عن الكواكب السيارة.
(٣) فى «م» : «لا تظنين» لا تصح.
(٤) فى الكواكب السيارة : «وكان مكتوبا على عكازها» وذكر البيتين.
(٥) بقا : بقى. وكتبت هكذا لضرورة الوزن.
(٦) هو صاحب الإمام مالك ، وفقيه الديار المصرية فى عصره ، ولد سنة ١٤٠ ه ، وقيل ١٤٥ ه وتوفى سنة ٢٠٤ ه .. والترجمة التى معنا كلها عن «م» أيضا ـ مثل سابقتها ـ ولم ترد فى «ص».
[انظر ترجمة أشهب فى الأعلام ج ١ ص ٣٣٣ ، ووفيات الأعيان ج ١ ص ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ١٢ ، والعبر للذهبى ج ١ ص ٢٧٠ ، وطبقات الفقهاء للشيرازى ص ١٥٥].