وقال الربيع : سمعت الشافعى يقول : عليك بالزّهد ، فالزّهد على الزّاهد أحسن من الحلى على الناهد.
وقال الربيع : سمعت الشافعى يقول : ما نظرت أحدا إلّا تمنيت أن يكون الحق معه ، وفى رواية : تمنيت أن يظهر الحقّ على يديه ، ومعناه ـ كما قال البيهقيّ رحمه الله : لن يستنكف (١) عن الأخذ به ، بخلاف خصمه ، فإنه قد يستنكف ، فلا يأخذ به.
وكان جهورىّ (٢) الصوت ، وبلغ فى الكرم والشجاعة [ودقة](٣) الرمى ، وصحة الفراسة ، وحسن الأخلاق إلى الغاية. وقوله حجّة فى اللغة.
وقال عبد الرحمن بن مهدى : سمعت مالكا يقول : ما أتى على قريش أفهم من الشافعى. وسمعت الربيع يقول : لو وزن عقل الشافعى بنصف أهل الأرض لرجحهم ، ولو كان فى بنى إسرائيل لاحتاجوا إليه. وقال أحمد بن حنبل : ما من أحد مسّ بيده محبرة إلّا وللشافعى فى عنقه منّة (٤).
وذكر القاضى عياض فى المدارك عن الربيع أنه قال : كنا فى حلقة الشافعى جلوسا (٥) بعد موته بيسير ، فوقف أعرابىّ عليها وسلّم ثم قال : أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلنا : مات! فقال : رحمه الله وغفر له ، كان يفتح ببيانه مغلق الحجّة ، ويسدّ فى خصمه واضح المحجّة ، ويغسل من العار وجوها مسودّة ، ويوسع بالرأى أبوابا منسدّة. ثم انصرف.
__________________
(١) لن يستنكف ، أى : لن يأنف أو يتكبر أو يمتنع عن الأخذ به. وفى «م» : «أن» مكان «لن». لا يصح.
(٢) جهورى : مرتفع.
(٣) ما بين المعقوفتين عن المصادر السابقة ولم ترد فى «م».
(٤) المنّة : الإحسان والفضل.
(٥) فى «م» : «جلوسا ثمّ» أى : هناك.