لأهل المعرفة ، فالخلق يتحركون فى أسبابهم ، وأهل المعرفة أحياء بحياة معروفهم ، فلا حياة حقيقية إلّا لأهل المعرفة لا غير».
وقال : «كنت فى البادية ، فوافيت قبيلة من العرب ، فأضافنى رجل منهم ، فرأيت غلاما أسود مقيدا هناك ، ورأيت جمالا ميّتة بفناء البيت ، فقال لى الغلام : أنت ضيف ، وأنت كريم على مولاى ، فاشفع لى عنده ، فإنّه لا يردّك (١).
فقلت لصاحب البيت : لا آكل لك طعاما حتى تطلق هذا الغلام (٢).
فقال : قد أفقرنى وأتلف مالى. فقلت له : ما الذي (٣) فعل؟ قال : كانت لى جمال ، وكنت أعيش من ظهورها (٤) ، فحمّلها أحمالا ثقالا (٥) ، وحدا عليها (٦) ، فأخذت مسيرة ثلاثة أيام فى يوم واحد ، فلما حطّ عنها أحمالها ماتت لوقتها (٧). ولكن وهبته لك.
وحلّ عنه القيد ، فلما أصبح أحببت أن أسمع صوته ، فقلت ذلك لسيّده ، فقال : لا نقدر ، قلت : لا بدّ من ذلك ، فأمره (٨) أن يشدّ جملا بحمل وثيق ، ثم حدا (٩) بصوت عظيم ما سمعت قطّ أندى منه ولا أطيب ، فقطع
__________________
(١) فى «ص» : «فتشفّع لى فإنه لا يردّك».
(٢) فى «ص» : «لا آكل طعاما حتى تحل هذا الغلام».
(٣) فى «ص» : «فقلت : ما الذي».
(٤) فى «ص» وطبقات الأولياء ، والرسالة القشيرية : «قال : له صوت طيب ، وكنت أعيش من ظهر هذه الجمال».
(٥) فى «ص» : «فقالا» تحريف من الناسخ. وفى طبقات الأولياء : «أحمالا ثقيلة».
(٦) فى «م» : «وجرى عليها» وما أثبتناه عن «ص» ، وفى المصدر السابق : «وحدا لها» من الحداء ، وهو الغناء للإبل فتشتد فى السير.
(٧) قوله : «لوقتها» عن «م» أى : فى الحال .. وفى المصدر السابق : «ماتت كلها».
(٨) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فسألته ذلك ، فأمره ...».
(٩) هكذا فى «م» .. وفى المصدر السابق : «فأمر الغلام أن يحدو على جمل كان على بئر هناك يسقى عليه ، فحدا ...» الخ.