تُرى عندما يُقال لنا ، وجه أو عين أو يد او ساق أو كفّ فحسب ، فماذا يتراءى لنا في الحال؟ من المحتّم سوف تنطبع في أذهاننا ، عين أو يد أو ساق أو كفّ ، سواء كانت لإنسان أو حيوان ، لأن هذه ال صفات مشتركة بين الانسان والحيوان بل وحتى مع الجماد أيضاً ، لأن هناك يداً للكرسي أو الباب ، وكذلك ساقاً للمنضدة أو الكرسي أو السرير ، وعليه فسوف تنشأ صورة خيالية لهذه الصفات ، تشترك بين الأحياء والجمادات حتى تُضاف قرينة لتدل على كنه هذه اليد أو العين مثلاً .. وبالتالي فعندما نقول لله يد أو وجه أو ساق حقيقة ، فلابد وانها سوف تشغل حيزاً محدّداً في اذهاننا أو عقولنا ، وهي يد أو وجه أو ساق مماثلة أو مشابهة لليد أو الوجه أو الساق المتعارف عليها ، مما يمحي عنها الصفة المجهولة التي يؤكد عليها علماء السُنّة بقولهم : إن لله يداً ليست كأيدينا أو مجهولة الكيف ... وهكذا بالنسبة للعين أو الساق أو الوجه أو الكف وهكذا.
فهذه الاعضاء الالهية لابد وأن تشغل حيزاً من الوجود ، وبالتالي فهي مُحدثة طارئة ، واذا كانت تشغل حيزاً محدّداً من الفراغ ، فإن الجسم الالهي هذا سيتحدد في مكان معين ، ولا يملأ الوجود كله ، كما يفرضه المنطق والعقل الانساني.
إذ ان الله لا يخلو منه مكان في الارض ولا في السماء ، وهو مع الخلق أينما كانوا : «وهو معكم أينما كنتم» وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ، وهو نور السماوات والأرض ، والآيات القرآنية الدالة على ذلك كثيرة جداً ، فكيف نحصره في جهة محدودة أو مكان معين ، كما هو حال المخلوقات والاشياء الحادثة؟
ثم لِمَ لا نتعامل مع التعبير القرآني في صفات الله تعالى من خلال قواعد البلاغة العربية اليت طالما تستخدم الاستعارة والمجاز في الابداع البلاغي حيث تمتلئ دواوين الشعر والنشر العربي بالكثير من صور الاستعارة في أشكال بيانية رائعة؟ فلِمَ نستثني القرآن وهو الكتاب الالهي الفصيح والبليغ من القواعد اللغوية والبلاغية ، ونُحكم على