الاقتراح من هؤلاء القرشيين ، فردّ أبو بكر بالايجاب ، وانهم صادقون في قولهم ، لكن الرسول تغيّر وجهه ، وذلك استغراباً من صاحبه أبي بكر ، كيف صرّح بصدْقهم مع ان الوقائع كلها تدلّ على كذبهم واحتيالهم على النبي (١).
موقف أبي بكر من الرسول
رفع أبو بكر صوته عند النبي حين قدم عليه ركْبُ بني تميم ، إذ قال أبو بكر لعمر : ما أردت إلا خلافي ، فارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢). وذكروا آية أخرى في هذا السياق ، وهي قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّـهِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) (٤).
ولاشك ان رفع أبي بكر لصوته عند النبي صلىاللهعليهوآله ، ليس من الادب في شيء ، ولذلك وصف القرآن الكريم هذا السلوك بأنه محبط للأعمال ، أما الذين يغضّون أصواتهم عند الرسول ، فهم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ولهم المغفرة والأجر العظيم ، بعكس من يرفعون أصواتهم عند الرسول او يجهرون له بالقول.
__________________
(١) مسند احمد ١ : ١٥٥.
(٢) الحجرات ٢.
(٣) الحجرات ٣.
(٤) صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، باب قوله تعالى : لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ٦ : ٤٦ ؛ و٨ : ١٤٤ ؛ اسباب النزول للواحدي : ٢٥٨ ؛ صحيح الترمذي ، ج ٢ ، باب تفسير القرآن ؛ صحيح النسائي ٢ : ٣٠٤.