أبو بكر وحرق الحديث النبوي
أقدم الخليفة أبو بكر في عهده ـ وكما هو معلوم ـ على منع تدوين الحديث النبوي أو التحدّث به بين المسلمين ، وأكثرهم ـ بالطبع ـ من الصحابة ، وحجته في ذلك ، انّ نَقَلة الحديث أو المتحدثين به ربما لم يكونوا أمناء في التحدّث عن الرسول ، وبالتالي سيأتي الحديث مشوّهاً أو مبتوراً أو عكس المراد تماماً ، أو موضوعاً ، أي لم يكن النبي صلىاللهعليهوآله قد قال به أصلاً.
ولهذا قام بحرق الأحاديث التي جمعها ، كما منع الناس من التحدّث بالاحاديث النبوية بعد أن رأى اختلافاً شاسعاً بين الاحاديث التي يتحدّث بها المسلمون ويتداولونها فيما بينهم ، وأكثر هؤلاء من الصحابة لأنه لم يمض على وفاة الرسول سوى عام أو أقل من عام ، وأمر الخليفة أبو بكر بأن يكون القرآن هو الحكم بين الناس ، ليستحلّوا حلاله ويحرّموا حرامه (١).
وهنا لابد من وقفة عند الموقف المعارض للخليفة أبي بكر من تدوين الحديث النبوي أو التحدّث به :
١ ـ من المعروف ان القرآن الكريم ، يحمل مفاهيم مُوجزة ومُختصرة عن الدين وأحكامه ، وخوّل السُنّة النبوية ، مهمة التفصيل والتوسّع في استعراض الأحكام والمفاهيم الاسلامية والتعاليم الالهية الدقيقة ، فالقرآن وإن قال : مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ (٢) ، وذلك على سبيل الاجمال والكليات ، لكن تأتي الآية القرآنية الأخرى ، لتؤكد : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ٥ : ١ ؛ الانوار الكاشفة : ٥٣.
(٢) الأنعام ٣٨.