إِلَيْهِمْ (١). فيما قال النبي صلىاللهعليهوآله : اني تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً .. كتاب الله وسُنّتي».
وإذا كان الصحابة ـ طبق إدعاء الجمهور ـ جميعهم عدولاً ، فالمفروض على حكّام المسلمين بعد رحيل النبي صلىاللهعليهوآله ، أن يبادروا الى تدوين السُنّة النبوية والسماح للصحابة بنشر وإذاعة هذه السُنّة بين أوساط المسلمين ليكونوا على علم بفرائضهم ومعتقداتهم ، وتفاصيل الحلال والحرام في حياتهم والتي ذكرها القرآن بشكل مقتضب.
ثم لو تمّ منع تدوين وإشاعة الحديث النبوي ، حينئذ سيعجز المسلمون من الحصول على تعالم الاسلام المُفصّلة والاحكام الدقيقة التي هم بحاجة ماسة إليها ، والتي من غير الممكن إلتماسها من القرآن فقط.
٢ ـ لو كان الصحابة باجمعهم عدولاً ، فلِمَ شكّك الخليفة أبو بكر بهم إلى درجة أن جَمَع هذه الاحاديث ، وهي ٥٠٠ حديث ، وهي عشر معشار ما تحدّث به الرسول طيلة فترة البعثة المباركة ، وأقدم على حرقها بالرغم من ان الكثير منها كان صحيحاً؟ فهل يحق لأحد حرق الأحاديث النبوية؟.
٣ ـ لو كان الصحابة يتحدّثون بالاحاديث النبوية ، ولكنهم يختلفون فيها اختلافاً شديداً ، ولم تمض سوى سنة أو سنتين على رحيل الرسول الى بارئه الاعلى ، فهذا يعني ان الكثير من هذه الاحاديث ، اما موضوع أو متلاعب بنصوصها ومعانيها ، أو محرّفة قليلاً أو كثيراً ، وبالتالي سيبرز الاختلاف والتعارض واضحاً بينهما ، ولو كان كذلك ، فليس من حق أحد أن يمنع تدوين أو إشاعة السُنّة التي تركها النبي صلىاللهعليهوآله لكي لا يضل الناس من بعده أبداً ، وانما المنطق
__________________
(١) النحل ٤٤.