الرسول صلىاللهعليهوآله أن يترك القرآن ، هكذا مشتتاً ، ومصيره مجهولاً ، فلربما ضاع بعض تلك الرُقع أو أكلتها الأرَضَة أو الحيوانات الداجنة ، أو مات الحَفَظة أو قُتلوا في الحروب؟
فهل يعقل أن يدع رسول الله أمّته التي هي آخر الأمم قاطبة ، ويرحل بعد أن يوصيها بالتمسك بالكتاب والسُنّة؟ ويبقى القرآن هكذا ، لا يعرف أبناؤه مصيره لأنه موزّع ومشتت هنا وهناك ، هذا في وقت بقيت سُنّته صلىاللهعليهوآله هي الأخرى غير مدوّنة ، وانما محفوظة في صدور الرجال أو في رُقَعْ مُعرّضة للزال أو هي طعام للدواجن؟!
والغريب ان الخليفة أبا بكر يستغرب ممّن يدعوه لجمع القرآن ، فيما لم يجمعه الرسول أو يدعو الى جمعه؟
وما من شك ان هذا الحديث موضوع لأنه يجعل من النبي صلىاللهعليهوآله رجلاً لا يبالي ولا يفكّر بمصير أمّته الخاتمة ولا بمستقبلها الذي يكتنفه الغموض وهي خير الامم على الارض قاطبة ـ والى يوم القيامة!!!
وما يثير الانتباه ان الاحاديث الأُخر المروية عند اهل السُنّة والجماعة حول قضية جمع القرآن ، لو تفحّصناها لوجدناها مُتعارضة ومتفاوتة وتختلف اختلافاً كبيراً ، بحيث من الصعب التوفيق فيما بينها ، أو لنقُل من المحال
فمرّة يدّعي مؤرخو الجمهور المسلم بأن عمر أول من جمع القرآن في المصحف (١) بينما يقول آخرون إنَّ جمع أبي بكر للقرآن ، كان بمنزلة الأوراق ، وُجدت في بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فيها القرآن منتشر ، فجمعها أبو بكر من خلال زيد بن ثابت ، حيث ربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء ، كما أمر أبو بكر زيداً باستنساخ نسخة من القرآن
__________________
(١) كتاب المصاحف لابن ابي داود السجستاني : ٩ ـ ١٠.