المجمع من الاوراق (١).
ومع ذلك يأتي من يُكابر ويلتفّ حول الحقيقة فيدّعي بأن القرآن لم يُجمع ـ وان كان مكتوباً متفرّقاً ـ ولم يعتمد المسلمون في العهد الأول إلّا على نصّه المحفوظ في الصدور ، بوجوده اللفظي ، وانه هكذا تواتر ، لا بوجوده الكتبي (٢).
ولا ندري ما المقصود بأنه محفوظ في الصدور ، والكل يعلم أن الذين حفظوا القرآن بأجمعه كانوا معدودين ، فكيف نقبل هذا الرأي الساذج؟ وإذا آمنا بهذا الرأي ، فيعني بأن أبا بكر لم يجمعه من الصدور وانما جمعه من الأوراق المتفرّقة ، وبالتالي لم يُضِفْ أي جهد من عند نفسه حتى يأتي من يقول ويزعم بأن الخليفة الاول هو أول من جمع القرآن الكريم ، بينما كان مجموعاً في عهد الرسول بأمره صلىاللهعليهوآله ، وإنما قام بتجليده ، فليس من حق أحد الإدعاء بأن التشكيك في الخليفة الأول هو تشكيك في القرآن ، إذ كان مجموعاً في زمن الرسول ، بل وكان مصحفاً في العهد النبوي كما هو مشهور ، وكان الرسول يدعو المسلمين الى تلاوته كما جاءت أحاديث كثيرة تؤكد ذلك.
__________________
(١) الاتقان ١ : ١٦٠.
(٢) حجية السنة : ٤٠٧ ؛ فتح الباري ١ : ١١٤ ؛ النشر في القراءات ـ ابن الجوزي ١ : ٦.