من حوله ، حيث يقرّ الصحابة بأنه كان فضاً غليظاً قبل تصدّيه للخلافة ، مما كان يثير حفيظة وسخط المسلمين ، واستمر في سلوكه هذا بعد تسلّمه للسلطة غداة وفاة الخليفة أبي بكر ، خاصة وانه كان يستعمل وسيلته الشهيرة «الدرّة» وهي سوط في تعامله مع الرعية.
وفضاضة القلب وغلظته ، أمر مرفوض عند الله تعالى ، حيث قال عزّ وجل لنبيه الكريم : وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ (١) ، أي ان هذه الصفة الذميمة تدعو لانفضاض المؤمنين من حول زعيمهم وقائدهم ، بينما كان الرسول صلىاللهعليهوآله ذا خلق عظيم ، يبشُّ في وجوه رعيته ويكسب مودّتهم وقلوبهم.
فهذه الصفة السلبية ما اكن ينبغي أن يتّصف بها الخليفة الثاني أو على الأقل كان عليه أن يتجنّبها أو يخفّف منها قدر المستطاع ، وينبذ اسلوب استعمال السوط في تعامله مع من حوله ، أسوة بالرسول والخليفة الاول ، لكنه تمادى في هذا الاسلوب القاسي طيلة تربّعه على كرسي الخلافة والحكم.
ويبد ان الخليفة الثاني واصل إسلوبه الفج مع رعاياه حتى آخر لحظة من حياته ، لأنه يوم طَعْنه من قبل غلام المغيرة بن شعبة ، كان لا يكبّر حتى يلاحظ الصف المتقدم في الصلاة ، فإن رأى رجلاً متقدماً من الصف أو متأخراً ، ضربه بسوطه المعهود (أي الدرّة) ..
وان دلّ هذا على شيء فانما يدلّ على ان الخليفة الثاني حتى آخر لحظة من حياته لم يتخلّ عن أسلوبه العنيف ضد مواطنيه (٢) وإلّا هل من الانصاف في شيء أن يَقْدم أي
__________________
(١) آل عمران ١٥٩.
(٢) كنز العمال ١٢ : ٦٧٩.