ظهرانيهم ، فاستقوا من معينه العذب. وانبثقت نظريتان عند أهل السًنّة والجماعة ، حول الصحابة ، نظرية تؤكد هذه العلاقات الرفيعة بين جيل الصحابة وترفض أي خوض فيما جرى بينهم من صراعات ، ومشاحنات ، باعتبار أن هذه الأمور تأتي من باب الاجتهاد والتأويل ، ولا يحق لنا نبش هذه المجريات ، فنأثم بسبب ذلك ، فهم أعلم منّا في هذا المجال.
وهناك نظرية أخرى تقرّ بوجود تلك الصراعات الدموية والاختلافات السياسية والفقهية ، بل والانحرافات بين صفوف بعض الصحابة إلى حد ارتكابهم للمنكرات والموبقات ، لكن هذه الأمور الشائنة كلها لا تؤثر في عدالتهم الثابتة والمفروغ منها في الكتاب والسُنّة ، حيث حذّر الرسول صلىاللهعليهوآله من سبّهم ولعنهم والاساءة اليهم ، وإنّ الله أعدّ للذين ينالون من الصحابة عذاباً أليماً في الآخرة ،وحذّر من المسّ بالصحابة الكبار الملازمين للنبي صلىاللهعليهوآله في حلّه وترحاله ... ولذا لا يجوز الخوض فيما جرى بين الصحابة خاصة بعد رحيله صلىاللهعليهوآله ، لأن ذلك يعتبر مساساً بنزاهتهم وقداستهم ، وهم الذين أعدّهم الله لحمل أمانة نقل الحديث النبوي من بعده الى الأجيال اللاحقة.
وبعد أن أدّى الرسول صلىاللهعليهوآله مهامه الجسيمة في تبليغ الرسالة الاسلامية وإكمال الدين ، رحل الى بارئه الاعلى دون أن يشير الى خليفة من بعده ، أملاً في ان تقوم الأمّة باختيار الخليفة المناسب الذي يقوم مقامه في إكمال وإستمرار المسيرة الاسلامية.
واجتمع الصحابة أو بعضهم في سقيفة بني ساعدة واختاروا الخليفة الأول أبي بكر ، وبايعه جل المهاجرين والأنصار باستثناء علي وبني هاشم الذين كانوا يعتقدون أنه أحق بالخلافة من أبي بكر لسابقته وقربه من الرسول صلىاللهعليهوآله ، لكنه سرعان ما بايع كسائر المسلمين حفظاً لوحدة الأمّة.