رسول الله الذي يبدو هنا ، جاهلاً تماماً وغير عارف بعواقب كلامه ووصاياه التي ينصح بها الأمّة ، وان من حق عمر التابع أن يصحّح للنبي المتبوع أخطاءه ويدلّه على وجه الصواب لأنه كان صلىاللهعليهوآله مخطئاً؟
فهل بقيت للنبوة هنا قيمة أو لعصمة الرسول معنى؟ هذا الرسول العظيم الذي هو أفضل الرُسُل قاطبة ، والذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى ، يصبح مفتقراً الى من يصحّح له أقواله وتعاليمه ، ويُصوّب مواقفه تجاه المسلمين!!.
عمر والنصوص الدينية
لنستطلع الآن ، موقف عمر بن الخطاب من النصوص النبوية القاطعة ، وكيف كان يتعامل معها في فترة خلافته التي ناهزت العشر سنوات؟ وهل كان يتقيد بالنص الذي صدر عنه «صلوات الله عليه» ، ويتمسّك به حرفياً أم يتجاوزه ويتعدّاه في بعض الأحيان ، ليعمل بالرأي؟
فمن متابعة سلوك الخليفة الثاني ازاء النصوص الصادرة عن الرسول الاكرم صلىاللهعليهوآله ، انه في بعض الأحيان يتجاوز النص لإعمال الرأي وإنْ خالف النص تماماً.
فقد كان الطلاق على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر ، طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر : ان الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم (١).
والمشهور ان أحد الصحابة في زمن النبي صلىاللهعليهوآله قد طلّق زوجته ثلاثاً في مجلس واحد ، فحزن عليها حزناً شديداً ، فسأله الرسول : كيف طلّقها؟ فقال : ثلاثاً فقال
__________________
(١) سيرة ابن اسحاق ٢ : ١٩١ ؛ رشيد رضا ٤ : ١٢٠.