له صلىاللهعليهوآله : في مجلس واحد؟ قال : نعم ، قال «عليه الصلاة والسلام» : فإنما تلك واحدة ، فأرجعها إن شئت (١) ، كما أخبر الرسول عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام صلىاللهعليهوآله غضِباً ثم قال : أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل فقال : يا رسول الله ألا نقتله؟ (٢).
وهكذا فقد كان موقف الرسول حازماً حتى وان تساهل الناس في الطلاق ، وتلاعبوا بالنصوص القرآنية ، ولذا وبّخهم توبيخاً شديداً ، فكيف يأتي عمر بن الخطاب ويعارض نصّاً قرآنياً صريحاً ، أكّده رسول الله مراراً ، وذلك لأن الخليفة الثاني لم يرُقْ له استعجال الناس في الطلاق ، فأراد أن يمضيه عليهم وإن خالف كتاب الله ، وعارض نصوص القرآن الكريم والرسول صلىاللهعليهوآله القاطعة.
إنها مخالفة صريحة لنص الهي ـ نبوي حازم ، لا يقبل التأويل أو التجاوز أو الالتفاف ، ولكن جاء علماء من أهل السًنّة والجماعة ، فحاولوا تبرير مُخالفة عمر للنصوص المقدمة ، بتأويلات وحجج واهية لا تنطلي على ذوي الالباب ، فقال أحدهم : إن ما أحدثه عمر في قضية الطلاق كان تأييداً لقاعدة تغيّر الأحكام بتغيّر الزمان.
وعلّق أحد أكابر مدرسة الصحابة ، وهو ابن القيم الجوزية : بأن عمراً رأى ان الناس قد استهانوا بأمر الطلاق وكثُر وتفشّى في المجتمع ، فرأى من المصلحة اعتبار التلفظ بالطلاق الثلاث في مجلس واحد ، طلاق ثلاثٍ لا رجعة فيه ، إلا أن تُنكح المطلقات برجال غير أزواجهن ، وذلك عقوبة للمطلقين ، وهذا الأمر المخالف للنص ،
__________________
(١) سنن النسائي ٦ : ١٤٣.
(٢) فتح الباري ٩ : ٣١٥.