إنما كان قد راعى المصلحة في زمانه ، لأن الناس لم يكونوا في عهد النبي وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر قد أكثروا من الطلاق ، بل كانوا يتّقون الله في الطلاق.
وهذا في رأي ابن القيم : مما تغيّرت به الفتوى لتغيّر الزمان ، وعَلِمَ الصحابة حُسن سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك فوافقوه على ما ألزم به.
غير أن ابن القيم نفسه قد أبدى رغبة في الرجوع بالحكم الى ما كان عليه في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله لأن الزمن قد تغيّر أيضاً ، وأصبح إيقاع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة ، مدعاة لفتح باب التحليل الذي كان مسدوداً على عهد الصحابة ، وقال ابن القيم : بأن العقوبة اذا تضمّنت مِفْسَدة أكثر من الفعل المُعاقب عليه ، كان تركها أحب الى الله ورسوله (أعلام الموقعين ـ ابن القيم الجوزية ٣ : ٣٦).
وينقل ابن القيم قولاً عن استاذه ابن تيمية ، نصّه : ولو رأى عمر عبث المسلمين في تحليل المُبانة لمطلّقها ثلاثاً لعاد إلى ما كان عليه ، الأمر في عهد الرسول.
وتعليقنا على موقف عمر بن الخطاب في قضية الطلاق ، ما يلي :
١ ـ كان على الخليفة عمر ، بعد أن كثُر الطلاق في زمنه ، أن يُوصي ال ناس بالإمتثال للحلول القرآنية والنبوية التي تحذّر الناس من الطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله ، وان يبعثوا الحكماء من أهل الزوجين إن خافوا حدوث الشقاق بينهما وما الى ذلك من الحلول التي تخفّف من ظاهرة الطلاق ، لا أن يُلغي النص الالهي ، ويستبدله برأي ونص من عند نفسه لكي يُعاقب به الذين يسارعون في الطلاق.
٢ ـ ان المجتمع الذي يتساهل في أمر الطلاق ، ويندفع الى إشاعته بين أوساطه ، لا ينبغي أن يُعاقب بتسهيل عملية الطلاق والترويج له شرعياً ، لأن هذه الخطوة الفوضوية ستشيع حالة الطلاق بصورة أكثر بحيث يصبح متداولاً حتى في